مُؤَذِّنٌ)(١) أي نادى مناد أعلم بندائه. ولما ذكر الراغب الأذن التي هي الجارحة قال : وأذن : استمع (٢) نحو : (وَأَذِنَتْ لِرَبِّها وَحُقَّتْ)(٣). ويستعمل ذلك في العلم الذي يتوصّل إليه بالسّماع نحو : (فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللهِ)(٤).
والإذن والأذان لما يسمع ، ويعبّر بذلك عن العلم ، إذ هو مبدأ كثير من العلم. وأذنته وآذنته بمعنى. والأذين : المكان الذي يأتيه الأذان. والإذن في الشيء : إعلام بإجازته والرّخصة فيه ، نحو : (إِلَّا لِيُطاعَ بِإِذْنِ اللهِ)(٥) أي بإرادته وأمره. قال (٦) : لكن بين العلم والإذن فرق ؛ فإنّ الإذن أخصّ ، إذ لا يكاد يستعمل إلا فيما فيه مشيئة (ضامّة للأمر أو لم تضامّه) (٧) ؛ فإنّ قوله تعالى : (وَما كانَ لِنَفْسٍ أَنْ تُؤْمِنَ إِلَّا بِإِذْنِ اللهِ)(٨) معلوم ؛ فإن فيه مشيئته وأمره (٩). قال : وقوله : (وَما هُمْ بِضارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللهِ)(١٠) فيه مشيئته من وجه ، وهو أنّه لا خلاف في أنّ الله أوجد في الإنسان قوة فيها إمكان الضّرب (١١) من جهة من يظلمه فيضرّه ، ولم يجعله كالحجر الذي لا يوجعه الضرب. ولا خلاف أنّ إيجاد هذا الإمكان من فعل الله تعالى ، فمن هذا الوجه يصحّ أن يقال : إنه بإذن (١٢) الله ومشيئته يلحق الضرر من جهة الظالم. قلت : وهذا الاعتذار منه لأنه ينحو إلى مذهب الاعتزال.
وإذن : حرف جواب وجزاء ، والجواب معنى لا يفارقها ، وقد يفارقها الجزاء.
__________________
(١) ٤٤ / الأعراف : ٧.
(٢) في الأصل : السمع ، وصوّبناه عن مفردات الراغب : ١٤.
(٣) ٢ / الانشقاق : ٨٤.
(٤) ٢٧٩ / البقرة : ٢.
(٥) ٦٤ / النساء : ٤.
(٦) يعني الراغب ص ١٥.
(٧) أخطأ الناسخ ، وصواب كلام الراغب : «به راضيا منه الفعل أم لم يرض به» ص ١٥.
(٨) ١٠٠ / يونس : ١٠.
(٩) في الأصل : مشيئة وأمدا ، والتصويب من المفردات.
(١٠) ١٠٢ / البقرة : ٢.
(١١) في الأصل : الضرر ، وهو وهم.
(١٢) في الأصل : إن يأذن.