وقالوا : لو اعتقد عدم الضرر فتوضأ فتضرر صح وضوؤه ، ومثله الغسل في جميع ما مر بحسب الظاهر. وقال في العروة في الحج في مسألة ٦٤ من بقية شرائط الاستطاعة باجزاء حجه لو اعتقد عدم الضرر أو الحرج فحج فبان الخلاف ، ووافقه النائيني رحمهالله. وظاهر هذه الفروع أن الضرر انما يؤثر في رفع المشروعية بوجوده الاعتقادي لا الواقعي ، فإذا علم بالضرر كان الحكم مرفوعا ، ويكون الظن بوجوده ملحقا بالعلم بوجوده ، والحاقه به مفتقر إلى الدليل.
واما في صورة النسيان والجهل ، فإنه يصح لعدم تناول حديث لا ضرر له ، لأنه يرفع الضرر المعلوم حسب الفرض.
وهذه الفروع تصح جميعا كما ذكروه بناء على حرمة الاضرار بالنفس والبدن تكليفا ، لأن حرمته حينئذ كحرمة الغصب بالاضافة إلى الصلاة ، فإن الغصبية ليست من موانع الصحة تعبدا ، فإذا اعتقد بالضرر ، وعلم بحرمته فسدت الصلاة وانما تفسد من جهة عدم تمكنه من قصد القربة ، لامتناع التقرب بالمبغوض ، واما إذا اعتقد بعدم الضرر ، أو بعدم حرمته ، جهلا أو نسيانا فلا حرمة ، لأنه عاجز والعاجز غير مكلف فعلا ، وحينئذ لا يكون فعله مبغوضا ، ولذلك يكون متمكنا من التقرب وتصح الصلاة منه. وربما يقال أن المانعية منتزعة عن الحكم التكليفي ، ومن المعلوم أن الحكم التكليفي إنما يتنجز في حق الملتفت اليه دون الغافل عنه.
والتحقيق أن أمر هذه الفروع ينتظم حتى على هذا المبنى ، ولكنه ليس هو السبب في الفساد والصحة ، بل السبب فيهما أنه في صورة العلم أو الظن أو الشك مع عدم المعذر لا يتمكن من التقرب لعدم احراز المقربية ، مضافا إلى استقلال العقل بامتناع التقرب للمولى بما يحتمل كونه مبغوضا له ، بخلاف صورة الغفلة.
وقالوا : في خيار الغبن ، إن مدركه قاعدة نفي الضرر ، وإنه إن اقدم عليه عالما بالغبن فلا خيار ، وإن كان جاهلا به فله الخيار.