علة تامة بالنسبة لحرمة المخالفة ، ومقتض بالنسبة لوجوب الموافقة ، وهو الحق. وهو الذي يستظهر من مجموع كلمات شيخنا المرتضى رحمهالله في رسائله في مبحث الاشتغال وغيره. وكان استاذنا الخراساني رحمهالله يدعي الملازمة بين حرمة المخالفة ووجوب الموافقة ، بمعنى أنه إذا كان علة لحرمة المخالفة وجب كونه علة لوجوب الموافقة ، ويمكن تقريب الاقتضاء بأن يقال : أن المقتضي للمنجزية موجود والمانع مفقود.
اما المقتضي فهو ادلة التكاليف ، فإنها تدعو لتحقيق متعلقاتها في جميع المراتب ، سواء كانت معلومة أو مشكوكة ، لأن الحكم يتعلق بالواقعة المرسلة ، والعلم ليس جزء الموضوع بالضرورة ، والالفاظ ليست موضوعة للمعاني المعلومة ، كما برهنا عليه في مباني الفقيه (١).
واما انتفاء المانع ، فالمتصور منه اما عقلي واما شرعي.
اما انتفاء المانع العقلي فواضح ، لأن العقل يقبح مخالفة المولى في مثل الفرض وإن كانت احتمالية ، ويحسن مؤاخذة العبد إذا صادف المحرم الواقعي لفرض احراز التكليف تفصيلا. والاجمال انما هو في المتعلق لا في التكليف ، والتفصيل والاجمال في المتعلق لا يمنع من تنجز التكليف المعلوم بالتفصيل بنظر العقل ، ولا يوجب فرقا بينهما بالضرورة ، لأن المولى عليه البيان وقد فعل. واشتباه متعلق التكليف ليس لتقصير منه ، بل لأمور اخرى لا ترتبط بالمولى. ودعوى كون هذا البيان بهذا المقدار يوجب كونه علة تامة في التنجز ، هو موضوع الكلام.
وأما انتقاء المانع الشرعي فلأن المتوهم منه ليس إلا أدلة الأصول وهي قسمان : قسم أخذ فيه العلم غاية ، كقاعدة الحل والطهارة وبعض روايات الاستصحاب وقسم ليس كذلك ، ويشترك القسمان في بعض المحاذير ، وينفرد المغيّا بالعلم في بعض آخر.
اما ما يشتركان فيه فهو دعوى قصور الادلة عن شمول المقام ، لأن
__________________
(١) مخطوط قررنا اعدام معظم مسوداته.