سبحانه نفسه بتوحيده. قال تعالى (١)(شَهِدَ اللهُ أَنَّهُ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلائِكَةُ وَأُولُوا الْعِلْمِ قائِماً بِالْقِسْطِ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ).
فالله الذي ثبت بالعقل وجوده ، هو يخبرنا عن توحيده. وهذا ـ في الحقيقة ـ من أدلة التوحيد.
إذن ، فالعبد ، في هذه السورة ، مأمور تعبدا من قبل الله سبحانه بأن يذعن بتوحيده. فلا يكون الأمر إرشاديا ، بل تشريعيا.
ثانيا : إننا لو تنزلنا عما قلناه أولا ، وسلمنا أن الأمر بالتوحيد أيضا إرشادي ، كالاعتراف بوجود الله سبحانه. عندئذ يكون أصل الدخول في الإسلام ، عقليّا إرشاديّا.
إلّا أن غرض السورة لا يكون هو الدخول إلى الإسلام ، وإنما هو لأجل أغراض أخرى كالصلاة والتبرك ونحوها. فيكون : قل ، تشريعيا. حيث يقرؤها الفرد بألفاظها من أجل الاستفادة منها : فرجع الحال إلى كون الأمر تشريعيا لا إرشاديا.
سؤال : من هو المخاطب ب «قل»؟
جوابه : هناك عدة أطروحات لذلك ، نذكرها من الأضيق إلى الأوسع :
أولا : إن المخاطب هو النبي صلىاللهعليهوآله ، بصفته المخاطب المباشر.
ثانيا : إن المخاطب هو كل المسلمين ، ولا خصوصية للنبي صلىاللهعليهوآله.
ثالثا : إن المخاطب هم كل البشر فإن دين الله إنما هو لإصلاح البشر جميعا. والقرآن لهدايتهم ، حتى لو كانوا كفارا.
رابعا : إن المخاطب كل الخلق. أي كل أجزاء الكون من بشر وملائكة وجن وأي خلق آخر. فإن التوحيد غير مختص بطائفة. لأنه متعلق بالخالق الأزلي الحقيقي. وهذه الصفة الحقيقية ينبغي فرضها وتوزيعها وسيطرتها
__________________
(١) آل عمران / ١٨.