ونستفيد من المعنى الأول : إن رب الفلق أي رب الصبح أو الفجر. وهذا الوقت لعله أفضل الأوقات من الناحيتين الدنيوية والأخروية.
أما من الناحية الدنيوية فباعتبار أن انفلاق الفجر أمر عجيب إذ يحصل الضوء في ظلام دامس ، ثم يتدرج إلى أن يصبح نهارا. وتتكرر هذه الحالة في كل يوم. ففي ذلك عبرة وفضل من الله تعالى.
وأما من الناحية الأخروية فلما هو معروف في الشريعة من أن ما بين الطلوعين أفضل الأوقات للتوجه والذكر والدعاء.
أما على المعنى الثاني ، فيكون المعنى : رب المخلوقات كلها أو رب كل شيء أو رب العالمين.
والمعنى الأول ، وإن كان أقرب إلى الذوق ، ولكن فيه نقطتا ضعف :
النقطة الأولى : إنه أضيق من المعنى الثاني وعلى هذا يكون المعنى الثاني ـ من الناحية الاعتبارية ـ أنسب بالله سبحانه.
النقطة الثانية : إن محصل الآية في المعنى الأول يكون : أعوذ برب الصبح من شر الخلائق كلها. فتكون هنا الإشارة إلى الذات بذكر مزيّة لها ، وهي انفلاق الفجر.
بينما يكون التناسب بين الآيتين ، بناء على المعنى الثاني ، ألطف وأكثر انسجاما. أي أعوذ بالخالق نفسه الذي هو أعلم بالمخلوقات كلها من شر المخلوقات كلها في الدنيا والآخرة. فتكون الاستعاذة أنسب بالله سبحانه وتعالى.
وهنا قد يقال : إن الشر غير موجود في الخليقة ، فهل يستعاذ من شيء غير موجود؟
وجواب ذلك : إن للفلاسفة في تفسير الشر عدّة آراء ، نذكر أهمها :
الرأي الأول : إن الخير والشر موجودان. والله تعالى خالق الخير والشر ، وقادر على كل شيء أي على كل من الخير والشر. وفي بعض