بمدركات العقل الثاني.
إلّا أنّ هذا التصوّر أساساً غير صحيح على ما شرحناه مفصّلاً في كتاب الأسس المنطقية للاستقراء. فإنّ هذا البحث كان منشأً لانتقالنا إلى نظرية جديدة للمعرفة البشرية استطاعت أن تملأ فراغاً كبيراً في نظرية المعرفة لم يستطع الفكر الفلسفي أن يملأه خلال ألفي سنة» (١).
ولكي يتّضح الدور المهم الذي قام به السيّد الشهيد في بناء المعرفة الإنسانية لا بأس بالإشارة ولو إجمالاً إلى ما كان عليه المنطق الأرسطي ؛ لبيان كيفية توالد المعرفة الإنسانية ، وما انتهى إليه السيد الصدر في الأسس المنطقية للاستقراء.
نعلم جميعاً أنّ الاستدلال الذي يمارسه الفكر البشري يمكن تقسيمه إلى قسمين رئيسيين : «أحدهما الاستنباط ، والآخر الاستقراء ، ولكل من الدليل الاستنباطي والدليل الاستقرائي منهجه الخاص وطريقه المتميّز.
ونريد بالاستنباط : كلّ استدلال لا تكبر نتيجته المقدّمات التي تكوّن منها ذلك الاستدلال. ففي كلّ دليل استنباطي تجيء النتيجة دائماً مساوية أو أصغر من مقدّماتها ، فيقال مثلا : محمّد إنسان ، وكلّ إنسان يموت ، فمحمّد يموت. ويقال أيضاً : الحيوان إمّا صامت وإمّا ناطق ، والصامت يموت والناطق يموت ،
__________________
(١) بحوث في علم الأصول ، مباحث الحجج والأصول العملية ، تقريراً لأبحاث سيدنا وأستاذنا الشهيد السعيد آية الله العظمى السيد محمد باقر الصدر طاب ثراه ، السيد محمود الهاشمي ، ج ١ ، الحجج والأمارات ، ص ١٣٠.