فالحيوان يموت.
ففي قولنا الأول استنتجنا أنّ محمّداً يموت بطريقة استنباطية ، وهذه النتيجة أصغر من مقدّماتها لأنّها تخصّ فرداً من الإنسان وهو محمّد ، بينما المقدّمة القائلة : " كلّ إنسان يموت" تشمل الأفراد جميعاً. وبذلك يتّخذ التفكير في هذا الاستدلال طريقه من العام إلى الخاص فهو يسير من الكلّي إلى الفرد ومن المبدأ العام إلى التطبيقات الخاصة.
ويطلق المنطق الأرسطي على الطريقة التي انتهجها الدليل الاستنباطي في هذا المثال اسم «القياس» ويعتبر الطريقة القياسية هي الصورة النموذجية للدليل الاستنباطي.
وفي قولنا الثاني استنتجنا أنّ الحيوان أيّ حيوان يموت بطريقة استنباطية أيضاً ، ولكن النتيجة مساوية للمقدّمة التي ساهمت في تكوين الدليل عليها القائلة : " الصامت يموت والناطق يموت" لأنّ الصامت والناطق هما كلّ الحيوان بموجب المقدّمة الأخرى القائلة : الحيوان إمّا صامت وإمّا ناطق.
ونريد بالاستقراء : كلّ استدلال تجيء النتيجة فيه أكبر من المقدّمات التي ساهمت في تكوين ذلك الاستدلال ، فيقال مثلاً ، هذه القطعة من الحديد تتمدّد بالحرارة ، وتلك تتمدّد بالحرارة ، وهذه القطعة الثالثة تتمدّد بالحرارة أيضاً ، إذن كلّ حديد يتمدّد بالحرارة. وهذه النتيجة أكبر من المقدّمات ؛ لأنّ المقدّمات لم تتناول إلّا كميّة محدودة من قطع الحديد ثلاث قطع أو أربع قطع ... أو ملايين ، بينما النتيجة تناولت كلّ حديد وحكمت بأنه يتمدّد بالحرارة ، وبذلك شملت القطع الحديدية التي لم تدخل في المقدّمات ولم يجر عليها الفحص. ومن أجل هذا يعتبر السير الفكري في الدليل الاستقرائي معاكساً للسير في الدليل الاستنباطي