______________________________________________________
الجواز وجود المقتضي وهو التوكيل فيما تصح الاستنابة فيه ، وما يتخيل كونه مانعا ـ وهو نيابته عن الطرفين ـ لا يصلح للمانعية لتمكنه من إيراد الحجة عن أحدهما ، وذكر دافع الآخر من غير ميل معتمدا للحق كما هو شأن الوكيل.
ويحتمل عدم الجواز ، لأنه لا بد من الاستقصاء والمبالغة فيختل الغرض ، لأن غرض كل واحد منهما أن ينوب منابه في تحقيق مطلوبه ، ولا ريب في تضاد مطلوبهما فيمتنع الجمع بينهما.
فإن قيل : الواجب الاستقصاء بالحق وأن أضر بأحد الجانبين.
قلنا : أولا : التوكيل والاستنابة إنما وقعا فيما يريده الموكل ، ولا ريب أنه إنما يريد دفع خصمه ، والاستقصاء في التنقيب عليه ينافي ذلك.
وثانيا : أن الاستقصاء على هذا التقدير يجب أن يكون من الجانبين ، والحق لا يكون في الجانبين فيكون مستقصيا لما ليس بحق.
وثالثا : أن الوكيل يجب عليه مجانبة الإضرار بالموكل فيما هو وكيل فيه ، والاستقصاء بالنسبة إلى خصمه مضر به ، وفيه تعرض لتضييع حقه. والمسألة موضع توقف ، والشيخ في المبسوط ذكر الوجهين ثم احتاط بالمنع (١).
الثانية : أن يكون الواحد وكيلا عن المتعاقدين وقد منع منه بعض الأصحاب (٢) ، حكاه الشيخ في المبسوط قولا (٣) ، وهو محكي عن ابن إدريس في باب أجر السمسار من السرائر (٤) ، لأن الأصل في العقد أن يكون من اثنين ، أحدهما موجب والآخر قابل.
__________________
(١) المبسوط ٢ : ٣٨٢.
(٢) نقله العلامة عن ابن الجنيد في المختلف : ٤٣٨.
(٣) المبسوط ٢ : ٣٨١.
(٤) السرائر : ٢٣٧.