______________________________________________________
والأقرب عند المصنف الجواز عملا بعموم ( أَوْفُوا بِالْعُقُودِ ) (١) ونحوه ، والاثنينية المعتبرة في الإيجاب والقبول حاصلة ، فإن الوكيل من جهة كونه بائعا مغاير له من جهة كونه مشتريا ، وهذا القدر كاف في تحقق الإيجاب والقبول. ولأنه يجوز للأب تقويم جارية الابن على نفسه ، وليس المراد به إلا تولية طرفي العقد الناقل للملك ، وهو الأصح.
وعلى هذا فيجوز أن يكون وكيلا في استيفاء القصاص من نفسه ، سواء كان في النفس أو في الطرف ، إذ لا مانع فان الغرض حاصل ، والتهمة منتفية ، ومنع منه بعض الشافعية (٢).
وينبغي تقييده بما إذا كان الموكل هو صاحب الحق ، أما لو كان وليا أو وكيلا قد أذن له في التوكيل فالمتجه منعه من توكيل من عليه القصاص إلا بالإذن ، لأن غرض التشفي لا يحصل باستيفائه هو من نفسه كما يحصل بالاستيفاء منه قهرا.
وكذا يجوز توكيل المديون في استيفاء الدين من نفسه ، لما قدمناه ، وفيه وجه بالمنع ضعيف وهو منقول عن السيد رحمهالله.
أما الحد فقد أطلق المصنف هنا جواز التوكيل في استيفائه لمن ثبت عليه ، وفي التذكرة منع من توكيل الإمام الجاني في جلد نفسه ، لأنه متهم بترك الإيلام ، بخلاف القطع ، وجوّز توكيل السارق في قطع يده (٣). وما ذكره في التذكرة هو الصواب ، لأن الحد : إما حق لله أو له وللآدمي فلا يجوز ارتكاب ما يؤذن بالإخلال بالإيلام المعتبر فيه.
واعلم أن العطف في العبارة بـ ( حتى ) لا يخلو من تكلّف ، لأن العطف بها إنما
__________________
(١) المائدة : ١.
(٢) المجموع ١٤ : ٩٨.
(٣) التذكرة ٢ : ١٢٢.