ولو لم يعده لكن مطله برده مع إمكانه ، ثم ادعى التلف لم يقبل منه إلاّ بالبينة.
______________________________________________________
وهاهنا لو أقر الموكل بذلك نفد فكذا البينة ، واختاره الشيخ في المبسوط ) (١).
ومن أن دعواه غير مسموعة فلا تسمع بينة ، لأن سماعها فرع سماع الدعوى ، فحيث لم تكن مسموعة لم تقبل البينة ، لأن شرط قبولها ممن له أهلية الدعوى سبق الدعوى الصحيحة عليها ، والشرط منتف هنا. ولأنه مكذّب لها بوعده السابق ، وكل من أكذب بينته لم تسمع منه ، وهذا أقوى ، لأن البينة ليست كالإقرار من كل وجه.
نعم لو أظهر تأويلا لوعده كنسيانه ، أو اعتماده على قول وكيله ، أو مكتوب ورد اليه ، ونحو ذلك قبل ، لأن ذلك مما تعم به البلوى. وقد يعول الشخص في أمثال ذلك على ظاهر الحال فلو بلغت المؤاخذة به هذا الحد لزم الضرر.
قوله : ( ولو لم يعده لكن مطله برده مع إمكانه ، ثم ادعى التلف لم يقبل منه إلاّ بالبينة ).
أي : لو لم يعد الوكيل الموكل بالرد في الصورة السابقة لكن مطله بالرد مع إمكانه ، بأن أخّره من غير عذر فإنه يصير ضامنا بذلك ويخرج عن الأمانة ، فإذا ادعى التلف المعهود سابقا ـ وهو التلف قبل الطلب ـ لم يقبل منه ذلك إلاّ بالبينة وإنما نزّلنا العبارة على دعوى التلف المعهود ، لأنه لولاه لم يحتج في تصوير المسألة إلى قوله : ( ولو لم يعده ) ، لأنه لو ادعى التلف الطارئ بعد الوعد قبلت دعواه بالبينة ، إذ لا تنافي حينئذ.
وإنما لم يقبل قوله إلاّ بالبينة ، لأنه صار ضامنا وخرج من الأمانة ، كذا علل في التذكرة (٢).
__________________
(١) المبسوط ٢ : ٣٧٤.
(٢) التذكرة ٢ : ١٣٧.