النسبة إن كان هو الصدق العرفيّ واللغويّ للزم ثبوت سائر الأحكام النسبيّة المذكورة ، لدخوله بسبب الصدق المعتبر تحت العمومات المفيدة لذلك.
وإن كان هو الصدق الشرعيّ خاصّة للزم انتفاء جميع الأحكام المترتّبة على النسبة ، فتخصيص الحكم بتحريم النكاح ممّا لا وجه له ، سوى ادّعاء بعضهم الإجماع عليه ، وهو كما ترى (١). انتهى.
فإنّا نجيب : بأنّ المعتبر هو الأول ، بل لا حقيقة شرعيّة للنسبة ، وأمّا انتفاء الأحكام الأخر فإنّما هو بدليل آخر من إجماع وغيره مذكورة في مظانّها.
نعم ، لو ثبتت الحقيقة الشرعيّة في النسب أو ألفاظ النسبة من الامّ والأب وغيرهما لكان اللازم الاقتصار على النسب الحاصل من الوطء الصحيح ، ويلزمه عدم ثبوت تحريم النكاح أيضا ، لعدم دليل تامّ آخر عليه سوى الإجماع ، ومحكيّه غير حجّة ، ومحقّقه غير ثابت ، لاستشكال جمع من المتأخّرين (٢).
وأمّا ما ذكره الحليّ ـ بعد أن نقل قول الشيخ بتحريم النسب الحاصلة من الزنى ، مستدلا بأنّه إذا زنى بامرأة حرمت عليه بنتها وهذه بنتها ، وبعموم قوله تعالى ( حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهاتُكُمْ وَبَناتُكُمْ ) (٣) وهي بنته لغة ، وردّه بأنّ عرف الشرع طار على اللغة ـ أنّ وجه التحريم : أنّ البنت المذكورة كافرة ، لأنّ ولد الزنى كافر ، والزاني إذا كان مؤمنا لا يجوز له نكاح الكافرة ،
__________________
(١) انظر المسالك ١ : ٤٦٣.
(٢) منهم المحقّق الثاني في جامع المقاصد ١٢ : ١٩١ ، الشهيد الثاني في المسالك ١ : ٤٦٣.
(٣) النساء : ٢٣.