السرائر خصوصا بقرينة ما ذكرناه من الأدلة على الكراهة والندب الذين هما من أشهر المجازات فيهما ، بل ادعي مساواتهما للحقيقة ، ويكون الحاصل ترجيح مراعاة فضل أول الوقت للفريضة الذي هو كفضل الآخرة على الدنيا ، بل خير للمؤمن من ماله وولده ، بل لا يقابله شيء أبدا ، مع أنه لا بدل له ، إذ غيره إما أدنى منه فضلا ، أو لا فضل فيه أصلا على النافلة التي لها بدل ، وهو القضاء ، بل لعله أرجح منها ببعض الاعتبارات التي لا تنافي قاعدة رجحان الأداء على القضاء ، ولهذا أمر أبو جعفر عليهالسلام نجبة بهما (١) قال : « قلت له : تدركني الصلاة فأبدأ بالنافلة فقال : لا ، ولكن ابدأ بالمكتوبة واقض النافلة » ولعل هذا وشبهه هو السر في النهي عن التطوع في أوقات الفرائض كما صرح به في الجملة موثق سماعة المتقدم (٢) بل يومي اليه ظهور نصوص المنع أو أكثرها في إرادة الوقت الفضيلي من وقت الفريضة لا ما يشمل الاجزائي ، وهو مضعف آخر لدلالتها على ما يقول الخصم.
بل قد يومي اليه زيادة على ذلك وعلى خبر نجبة المتقدم آنفا خبر زياد بن أبي عتاب (٣) قال : « سمعت الصادق عليهالسلام يقول : إذا حضرت المكتوبة فابدأ بها ، فلا يضرك أن تترك ما قبلها من النوافل » إذ الظاهر منه إرادة إمكان جبر ضرر الترك بالقضاء ، بخلاف عدم البدأة بالمكتوبة في أول الوقت ، فإنه ضرر لا جابر له ، بل لعل في هذا التعليل في الخبر المزبور إشعارا أيضا بالمختار ، بل ما عن أمير المؤمنين عليهالسلام (٤) في النهج « لا قربة بالنوافل إذا أضرت بالفرائض » وقوله عليهالسلام (٥) أيضا : « إذا أضرت النوافل بالفرائض فارفضوها » مبني على ذلك أو نحوه.
__________________
(١) الوسائل ـ الباب ـ ٣٥ ـ من أبواب المواقيت ـ الحديث ٥ من كتاب الصلاة.
(٢) الوسائل ـ الباب ـ ٣٥ ـ من أبواب المواقيت ـ الحديث ١ من كتاب الصلاة.
(٣) الوسائل ـ الباب ـ ٣٥ ـ من أبواب المواقيت ـ الحديث ٤ من كتاب الصلاة.
(٤) الوسائل ـ الباب ـ ٦١ ـ من أبواب المواقيت ـ الحديث ٧ من كتاب الصلاة.
(٥) الوسائل ـ الباب ـ ٦١ ـ من أبواب المواقيت ـ الحديث ٨ من كتاب الصلاة.