الحاصلة من الاستقبال الصوري بسبب البعد ، خصوصا وقد اعترض بمثل هذا سابقا على ما في التذكرة ، بناء منه على أن محراب المدينة إلى الميزاب عينا لا جهة ، وجوابه لا يدفع ذلك عنه ، وكون قبلة البعيد الجهة لا ينافي نصب المحراب إلى عين الميزاب وإن لم يكن ذلك واجبا ، كما أنه لا حاجة أيضا إلى الجواب بأنه خبر واحد لا يفيد القطع ، فالتجويز قائم ، أو أن المراد جهة الميزاب لا عينه ، إذ قد عرفت أنه لا ينافي الجهة بالمعنى المزبور على الفرض المذكور فضلا عن هذه الاحتمالات.
ولقد عثرت على رسالة في القبلة لولد المحقق المزبور ، قال فيها بعد أن حكى تعريف الذكرى الموافق لما في التذكرة وما اعترض به والده من الوجهين : ومختار والدي وذكر التعريف المزبور ، ثم قال : « وعندي أنها السمت الذي يظن محاذاة الكعبة فيه حسا ، واليه يرشد كلام العلامة في النهاية حيث قال : فان الجرم الصغير كلما ازداد بعدا ازداد محاذاة ، لامتناع ذلك في المحاذاة الحقيقية ، فلا يرد إخلال البعد بظن المحاذاة ، إذ هو مؤكد له حينئذ ، ولا خروج بعض الزائد طوله على مقدار الكعبة ، لأن ذلك انما هو في المحاذاة الحقيقية ، ومن أراد التنبه لذلك فليعتبر بالأنجم بل بالنقط الموهومة كما في القطب الجنوبي والشمالي » وهو إلى هنا كالنص فيما قلناه ، لكن قال بعد ذلك : « وأما الاستقبال فيكفي في تحققه من القريب كون العمود الخارج من قدام مارا بالكعبة سواء كان عمودا عليها أو مائلا يحدث عن جنبيه زاويتان ، إحداهما أكبر من الأخرى ، وأما البعيد فان قلنا : إن قبلته الجهة كما هو المختار وجب في تحققه منه كون العمود الخارج من قدامه عمودا على الخط المار بالكعبة أيضا ، وذلك لما قررناه من اعتبار ظن المحاذاة الحسية في الجهة ، فعند تحصيل السمت بالعلامات التي تفيد ظنا به يمتنع جواز الانحراف عليه ولو يسيرا ، إذ مع البعد الكثير وعدم المشاهدة لا يؤمن الانحراف الفاحش في الحس أيضا بالقليل منه ، فيفوت الظن المعتبر تحققه شرعا ، وإن قلنا :