والمفاتيح على ما نقل عن جملة منها ، بل هو صريح بعضها كالمحكي عن فخر المحققين ، بل قيل : إنه لم يتعرض له أصلا الصدوق وأبو الصلاح وأبو المكارم وغيرهم ، فقد ضعفت دعوى الشهرة على الاستحباب ، بل هو يضعف أيضا لعدم الجابر حينئذ لنصوصه السابقة.
وقد يدفع بعد كون الحكم استحبابا بأن دليل التياسر غير منحصر في التعليل المزبور ، بل ظاهر هذه النصوص معلومية الحكم في ذلك الزمان ، مع أنه يمكن توجيهها بناء على أن القبلة الكعبة لا الحرم بما عرفته سابقا من أن الخارج لا يجوز له التوجه إلى غير الحرم ، للعلم بخروجه حينئذ عن سمت الكعبة لا لكون قبلته الحرم ، كما أنه قد يناقش في حملها على التقية بأن مراعاة التقية على تقدير ثبوت بناء محاريب المساجد على التيامن تقتضي أمر الشيعة متابعة قبلة هؤلاء الفجرة كي لا يعرفوا فيقتلوا لا أن يؤمروا بالمخالفة لهم فيؤخذ برقابهم ، خصوصا في المخالفة لهم في الصلاة إلى غير قبلتهم ، اللهم إلا أن يكون التياسر قليلا ممن لا يتفطن له ، خصوصا في البعيد عن المحراب ، لكن على كل حال احتمال ذلك فيها لا ينافي الاستدلال بها على الحكم الاستحبابي المعلوم التسامح فيه ، سيما بعد قبول كثير من الأصحاب لها ، حتى ادعى الشيخ في الخلاف الإجماع عليه ، وإن كان ظاهر عبارته فيه الوجوب حيث قال : « على أهل العراق » كالمحكي عن النهاية والجمل والوسيلة ، بل في المبسوط « ويلزم أهل العراق » لكن المراد الندب على الظاهر ، وإلا كان ضعيفا ، للأصل وإطلاق ما دل على الأمارات المزبورة من نص وإجماع ، وموهونية إجماعه بمصير الأكثر إلى خلافه ، وضعف النصوص السابقة سندا ودلالة عن إثبات الوجوب حتى الرضوي المشتمل على الأمر منها ، إلا أنه ليس حجة عندنا ، ولا يخلو من إجمال بالنسبة إلى تشبيهه.