القبلة أو يكون ممن لا يحسن ذلك وأخبره عدل مسلم بكون القبلة في جهة بعينها جاز له الرجوع اليه » لكن قال فيه أيضا : « متى كان الإنسان عالما بدليل القبلة غير أنه اشتبه عليه الأمر لم يجز له أن يقلد غيره في الرجوع إلى إحدى الجهات ، لأنه لا دليل عليه ، بل يصلي إلى أربع جهات مع الاختيار ومع الضرورة إلى أي جهة شاء ، وإن قلده في حال الضرورة جازت صلاته ، لأن الجهة التي قلده فيها هو مخير في الصلاة إليها والى غيرها » قيل ونحو هذه العبارة في المهذب والجامع ، ولعل الشيخ فرق بين الأخبار والتقليد ، فيكون حينئذ من أهل القول الأول ، أو يفرق بين من اشتبه عليه الأمر للتعارض وبين من فقد الأمارات أصلا.
وكيف كان فلا ريب أن الأقوى ما قلناه ، والعجب ممن جعل إخبار الغير أو رأيه من بعض أمارات الاجتهاد ، وربما قدما على غيرهما إذا فرض قوة الظن فيهما ، ورجح هنا عدم الرجوع إليهما مع فرض انحصار الطريق فيهما ، مع أنهما ليسا في هذا الحال إلا كتحصيل بعض الامارات غيرهما وفقد الباقي أو تعارضه ، فإنه لا ريب في الرجوع الى تلك الأمارة ، لأن الظن الناشئ منها حينئذ هو التحري وغاية الجهد في تعمد القبلة ، نعم يحسن ذلك ممن منع من كونهما من التحري وبذل الجهد مطلقا ، ولعله الى هذا أو ما يقرب منه أومأ في المحكي عن المختلف بالاستدلال على رجوعهما للغير بأنه مع الاشتباه كالعامي ، إذ لا طريق الى الاجتهاد ، فيتعين إما التقليد وإما الصلاة أربعا ، والرجوع الى العدل أولى ، لأنه يفيد الظن ، والعمل بالظن واجب في الشرعيات ، وبأنه ان وجب الرجوع الى قول العدل مع ضيق الوقت وجب مع سعته ، لأنه إذا كان حجة مع الضيق كان حجة مع السعة ، وان كان فيه ما فيه ، خصوصا الثاني ، لكن ومع ذلك فالاحتياط لا ينبغي تركه ، وهو انما يحصل بإضافة الثلاثة إلى الجهة التي أخبر بها