شيء واحد أوقاته متعددة لا أن الأمر متعلق في كل وقت بالصلاة التي تمكن فيه ، فيكون لكل جزء من الوقت متعلق غير الآخر وإن اتفق توافق بعضها مع بعض ، ولهذا لا يجري حينئذ استصحاب ما ثبت للفعل في الوقت الأول للأداء مثلا من قصر أو تمام أو غيرهما في الوقت الثاني ، لاختلاف متعلق الأمر فيهما ، وليس هو عينه كي يصح استصحاب ما ثبت له في الوقت الأول ، ضرورة فساد جميع ذلك ، بل هو سفسطة ، إذ لا يشك أحد في أن المفهوم من مثل هذه الأوامر شيء واحد إلا أن أوقاته متعددة حتى يثبت من الشارع إرادة فرد آخر منه في الوقت الثاني أو الثالث بدليل آخر ، لا أنه يستفاد من نفس إطلاق الأمر الشامل لمثل هذا الوقت الذي فرض تعذر الجزء فيه مثلا ، وإلا لم يجب السعي في تحصيل شيء من مقدمات الواجب المطلق أصلا.
ودعوى استفادة ذلك من إطلاق ما دل على السقوط عن المريض مثلا يدفعها ـ مع ظهور تلك الأدلة في الأداء الذي لا يقاس عليه حكم القضاء ـ أن بينه وبين ما دل على وجوب ذلك في الصلاة عموما من وجه (١) بل لعل بعضه أخص منه مطلقا ، كدعوى استفادته من اتحاد القضاء مع الأداء بعد مجيء الدليل بأصل ثبوته ، وأن أقصى إفادة الدليل توسعة الوقت وامتداده لصحة الفعل وإن كان يحرم على المكلف التأخير من الوقت الأول ، فهو حينئذ نظير الواجب الذي جعل الشارع له وقتين اختياريا واضطراريا ، إذ هي ـ مع أنها ممنوعة كل المنع في نفسها لأن الثابت بأمر القضاء شيء آخر غير ما ثبت بأمر الأداء وإن كان هو مثله ومساويا له ـ مرجعها إلى قياس وقت الاضطرار على وقت الاختيار فيما ثبت له من الأحكام ، وهو ممنوع ، ضرورة أنه لا بأس باختصاص الثاني بأحكام عن الأول ، فدعوى استفادة ثبوتها في الأول من
__________________
(١) فيه تأمل ( منه رحمهالله ).