وفيه ـ مع خلو أكثر الأخبار عن التعليل به ، وقوة احتمال إرادة الحكمة منه لا التعليل الحقيقي أو ما يجري مجراه ، وعدم ظهور إرادة التعليل من الأخيرين ، بل أقصاهما الأمر به لنفسه ، وإن استدل عليه في أولهما بالآية ، واحتمال إرادة تعليل النهي الأول عن القراءة بالآية مع أنه مبني على اقتضاء الأمر بالشيء النهي عن الضد بعيد جدا ، بل وكذا لا ظهور في الصحيح الأول بتعليل النهي عن القراءة بالإنصات ، بل أقصاه بيان وجه الأمر بالجهر بالقراءة ، وهو غير ما نحن فيه ـ أنه يمكن منع دعوى الإجماع في المقام ، وانعقاده على الندب في غير المقام بعد أن كان مورد الآية الفريضة كما في الصحيح لا يقتضي الاستحباب هنا ، ونسبة نديته في التنقيح إلى من عدا ابن حمزة يمنعها التتبع ، وبالجملة فالخروج عن تلك النواهي في تلك المعتبرة المستفيضة بمثل ذلك كما ترى.
ودعوى أن جملة منها شاملة بإطلاقها أو عمومها للإخفاتية التي قد أثبتنا الكراهة فيها كالحسن والصحيح (١) عن الصادق عليهالسلام « إذا صليت خلف إمام مؤتم به فلا تقرأ خلفه سمعت قراءته أو لم تسمع إلا أن يكون صلاة يجهر فيها ولم تسمع فاقرأ » ولما إذا لم يسمع القراءة مما ستعرف عدم الحرمة فيه أيضا ، بل في بعضها التنصيص عليه كقول الصادق عليهالسلام في الصحيح (٢) : « إذا صليت خلف إمام تأتم به فلا تقرأ خلفه سمعت قراءته أو لم تسمع » فيتجه حينئذ إرادة الكراهة منه التي هي أولى من مجازية القدر المشترك ، بل أولى من التقييد ، على أنه متعذر حتى في الرواية الأولى ضرورة أنه بقرينة الاستثناء فيها كالنص في الإخفاتية ، فلا يمكن تقييد النهي فيها حينئذ بها ، يدفعها منع اقتضاء مثل ذلك الكراهة بعد اختصاص كثير من الأدلة بالنهي عن القراءة في الصلاة الجهرية المسموعة المراد منه بمقتضى أصالة الحقيقة السالمة عن المعارض
__________________
(١) الوسائل ـ الباب ـ ٣١ ـ من أبواب صلاة الجماعة ـ الحديث ١.
(٢) الوسائل ـ الباب ـ ٣١ ـ من أبواب صلاة الجماعة ـ الحديث ١٢.