الخلق والمزاح في غير معاصي الله » وعن الصادق عليهالسلام (١) « المروة والله أن يضع الرجل خوانه بفناء داره ، والمروة مروتان ، مروة في الحضر ، ومروة في السفر فأما التي في الحضر فتلاوة القرآن ، ولزوم المساجد ، والمشي بين الإخوان في الحوائج ، والنعمة ترى على الخادم تسر الصديق وتكبت العدو ، وأما في السفر فكثرة الزاد وطيبه وبذله ، وكتمانك على القوم أمرهم بعد مفارقتك ، وكثرة المزاح في غير ما يسخط الله » إلى غير ذلك.
والمروة بهذا المعنى غير ما ذكره الأصحاب قطعا ، على أنه لا دلالة فيها على اعتبارها في العدالة ، بل لعل بعض ما يخالف المروة بالمعنى الذي ذكره الأصحاب مما يؤكد العدالة وإن كان من المنكرات عرفا ، كما أن بعضه مما يستلزم الطعن في عرض الرجل مما ينحل إلى محرم ، على أن الأول يمكن دعوى اشتراطه في الشهادة لا أخذه في العدالة ، إلا أن يكون يحصل منه عدم الاطمئنان بمبالاته في الدين ، وينقدح حسن ظاهره ، واحتمال أن العدالة من الحقيقة الشرعية فما شك في اعتباره فيها ينبغي أن يعتبر لأصالة عدم تحقق الشرط بدونه يدفعه أن الأخبار أظهرت ما يراد منها ، مع أن ذكرها في مقام البيان كالصريح في نفي اعتبار أمر زائد فيها ، ودعوى أن الاحتياط قاض به يدفعها أن الاحتياط غير منضبط ، فقد يكون فيه ، وقد يكون في عدمه ، كمعاني العدالة.
نعم قد يقال : إن منافيات المروة منافية لمعنى العدالة التي هي الاستواء والاستقامة ، فإذا كان الرجل بحيث لا يبالي بشيء من الأشياء المنكرة عرفا فلا ريب في عدم استقامته ، مؤيدا بما عساه يومي اليه بعض النصوص في المروة وإن لم تكن صريحة بالمعنى الذي ذكره الأصحاب ، بل قد يقال : إن منافاتها تورث شكا في دلالة
__________________
(١) الوسائل ـ الباب ـ ٤٩ ـ من أبواب آداب السفر ـ الحديث ١ من كتاب الحج.