الخامس : الفتنة ، لقوله تعالى (١) ( وَالْفِتْنَةُ أَشَدُّ مِنَ الْقَتْلِ ).
السادس : السحر ، قال الله تعالى (٢) ( وَاتَّبَعُوا ما تَتْلُوا الشَّياطِينُ عَلى مُلْكِ سُلَيْمانَ ، وَما كَفَرَ سُلَيْمانُ وَلكِنَّ الشَّياطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النّاسَ السِّحْرَ وَما أُنْزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبابِلَ هارُوتَ وَمارُوتَ ، وَما يُعَلِّمانِ مِنْ أَحَدٍ حَتّى يَقُولا إِنَّما نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلا تَكْفُرْ فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُما ما يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ وَما هُمْ بِضارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلاّ بِإِذْنِ اللهِ ، وَيَتَعَلَّمُونَ ما يَضُرُّهُمْ وَلا يَنْفَعُهُمْ ، وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ اشْتَراهُ ما لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلاقٍ وَلَبِئْسَ ما شَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ لَوْ كانُوا يَعْلَمُونَ ).
هذا جملة الكبائر المستنبطة من الكتاب العزيز بناء على المختار في معنى الكبيرة وهي أربع وثلاثون ، وقال رحمهالله في أثناء كلامه : « إنه قد يتعقب الوعيد في الآيات خصالا شتى وأوصافا متعددة لا يعلم أنها للمجموع أو للآحاد ، فلذلك طوينا ذكرها ، وكذلك الوعيد على المعصية والخطيئة والذنب والإثم وأمثالها ، وهذه أمور عامة ، وقد علمت أن الوعيد لا يقتضي كونها كبائر » انتهى.
وفيه أنه بناء على ما ذكر من حصر الكبائر في هذا العدد يلزم أن يكون ما عداها صغائر ، وأنه لا يقدح في العدالة فعلها بل لا بد من الإصرار ، وبدونه تقع مكفرة لا تحتاج بالنسبة إلى رفع العقاب بها إلى توبة ، فمثل اللواط وشرب الخمر وترك صوم يوم من شهر رمضان وشهادة الزور ونحو ذلك من الصغائر التي لا تقدح في عدالة ولا تحتاج إلى توبة ، بل تقع مكفرة ولا يثبت بها جرح ، وهو واضح الفساد ، وكيف يمكن الحكم بعدالة شخص قامت البينة على أنه لاط في غلام في زمان قبل زمان أداء الشهادة بيسير ، كما لا يخفى على المخالط لطريقة الشرع ، وإن شئت فانظر إلى كتب الرجال وما يقدحون به في عدالة الرجل ، على أن في رواية ابن أبي يعفور السابقة « أن تعرفوه
__________________
(١) سورة البقرة ـ الآية ١٨٧.
(٢) سورة البقرة ـ الآية ٩٦.