وأيضا قد ورد في السنة التوعد بالنار وأي توعد على كثير من المعاصي ، وبناء على ما ذكر لا بد وأن يراد بها إما الإصرار عليها أو من غير مجتنب الكبائر ، وكله مخالف للظاهر من غير دليل يدل عليه.
وأيضا فيما رواه عبد العظيم بن عبد الله الحسني (١) ذكر من جملة الكبائر شرب الخمر معللا ذلك « بأن الله تعالى نهى عنه كما نهى عن عبادة الأوثان وترك الصلاة متعمدا أو شيئا مما فرض الله ، لأن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم قال : من ترك الصلاة متعمدا فقد برأ من ذمة الله وذمة رسوله صلىاللهعليهوآلهوسلم » فانظر كيف استدل على كونه كبيرة بما ورد من السنة.
وأيضا نقل الإجماع على أن الإصرار على الصغيرة من جملة الكبائر ، ودفع ذلك كله بأن المراد أن الكبيرة كلما توعد الله عليها النار ، وبعض الأشياء الذي قام عليه الدليل ينافيه جعل ذلك ضابطا ، ومن هنا توقف رحمهالله في الحكم بكبر بعض الأشياء الواردة في السنة مع عدم دخولها تحت هذا الضابط.
وأيضا قوله رحمهالله أخيرا : إنه قد يتعقب الوعيد في الآيات خصالا شتى وأوصافا متعددة لا يعلم أنها للمجموع أو للآحاد فلذلك طوينا ذكرها فيه أنه إذا كان اجتناب الكبيرة شرطا مثلا في تحقق العدالة وغيرها فلا يمكن الحكم بالعدالة حتى يعلم اجتناب الكبيرة ، ولا يكون ذلك إلا باجتناب جميع ما تحتمل أنه كبيرة ، نعم لو قلنا إن فعل الكبيرة مانع من الحكم بالعدالة لاتجه القول بذلك ، لأنا لم نعلم أنها كبيرة ، ولعله قدسسره أراد الشك في الاندراج في التعريف ، فيتجه له حينئذ عدم إجراء حكم الكبيرة على مثله ، لكون المتيقن الأخير في الآية ، وغيره محل شك فيه.
__________________
(١) الوسائل ـ الباب ـ ٤٥ ـ من أبواب جهاد النفس ـ الحديث ٢ من كتاب الجهاد لكن رواه عن عبد العظيم بن عبد الله الحسنى وهو الصحيح.