لعله كما قيل ظاهر الخلاف أو صريحه أيضا ، وهو الحجة بعد اعتضاده بالأصل ، وبإطلاق ما دل على جواز التسليم قبل الامام مما مضى ويأتي ، وباستصحاب بقاء جواز الانفراد له وبظهور الأدلة في استحباب الجماعة ابتداء واستدامة ، وخروجها عن مهية الصلاة وإلا كانت معتبرة في صحتها وهو واضح الفساد ، فابطالها حينئذ بعدم استدامة نيتها لا يستلزم إبطال الصلاة ولا إثم فيه ، ضرورة اختصاص النهي عن إبطال العمل لو سلم إرادة ما يشمل مثل ذلك منه ، إذ من المحتمل في الآية (١) إرادة الابطال بنحو الارتداد وشبههه بالصلاة لا كل عمل ، بل الظاهر إرادة الواجبة منها كما حرر في محله ، ولقد أجاد الأردبيلي فيما حكي عنه من الاستدلال على جواز المفارقة قبل التسليم بالأصل وكون الجماعة مندوبة ، ولا تجب المندوبة بالشروع عندهم إلا الحج بالإجماع.
وما عساه يقال ـ من أن الجماعة وصف لماهية الصلاة كالظهرية والعصرية ونحوهما لا أنها من الأوصاف الخارجية كالمسجدية ونحوها ، ولذا بطلت الصلاة في فقدان أحد الشرائط السابقة من الحائل والعلو ونحوهما ولو كان لم يعلم بهما المكلف حتى فرغ ، فلا يجوز العدول حينئذ إلا بدليل خاص مثل العدول بالانفراد إلى الائتمام والعدول بالظهر إلى العصر ونحوهما ، لا مثل العدول من إمام إلى آخر ، إذ لو سلم جوازه اختيارا أمكن الفرق بينه وبين المقام بأن خصوص الامام من مشخصات أفراد الصلاة كالمكان الخاص والساتر الخاص ونحوهما بخلاف أصل الجماعة التي بسببها تنقسم الصلاة قسمين فرادى وجماعة ـ يدفعه أولا ما عرفت من وجود الدليل على ذلك ، كالإجماعات المحكية المعتضدة بما عرفت من الشهرة ونحوها ، وثانيا منع كون الجماعة من الأوصاف المقومة المنوعة ، بل ليست هي إلا كالمسجدية والإمامة ونحوهما ، وثبوت بعض الأحكام لها لا يستلزم كونها كذلك ، ومن هنا لم تبطل الصلاة في جملة من المقامات التي انقطعت
__________________
(١) سورة محمد صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ الآية ٣٥.