وكيف كان فلا ريب في عدم اعتبارهما معا هنا للإجماع ظاهرا عليه من أرباب القولين السابقين ، اللهم إلا أن يدعى أن المصنف والفاضل في التحرير قائلان بذلك بناء على اعتبارهما خصوص الأذان الذي يلزمه سبق رؤية الجدران عليه ، إذ الظاهر أنه بناء على عدم اتحاد العلامتين يثبت حصول الانفكاك من جانب الأذان خاصة ، لكن قد عرفت حقيقة الحال في ذلك ، بل وفي أنه لا يقصر عند الذهاب حتى يبلغ محل الترخص وان ما قيل من أنه يقصر عند الخروج من منزله كما نسب الى علي بن بابويه مأول أو ضعيف ، لما عرفت فيما تقدم ونحوه في ذلك قوله أيضا في أن المسافر لا يتم إلا عند دخوله منزله وإن وافقه هنا أبو علي وعلم الهدى فيما حكي عنهما ، بل مال اليه أو اختاره بعض متأخري المتأخرين ، لاعتبار مستنده وتعدده من صحيح العيص (١) عن الصادق عليهالسلام « أنه لا يزال المسافر يقصر حتى يدخل بيته » وآخر (٢) « ان أهل مكة إذا زاروا البيت ودخلوا منازلهم أتموا ، وإن لم يدخلوا منازلهم قصروا » وموثق إسحاق بن عمار (٣) « سألته عن الرجل يكون مسافرا ثم يقدم فيدخل بيوت الكوفة أيتم الصلاة أم يكون مقصرا حتى يدخل أهله قال : بل يكون مقصرا حتى يدخل أهله » وغيرها من مرسل الفقيه (٤) ونحوه مما تقدم سابقا ، خصوصا وتعارضها مع بعض أدلة المشهور بالعموم والخصوص ، والبعض الآخر غير صريح الدلالة ، لاحتمال إرادة بيان وجوب القصر عند خفاء الأذان خاصة من التشبيه لا عدمه عند العدم ، كما يؤيده ما عن بعض النسخ من عدم ذكر التمام إذا لم يبلغ موضع خفاء الأذان في الذهاب كي يكون الإياب حينئذ مشبها به في ذلك.
__________________
(١) الوسائل ـ الباب ـ ٧ ـ من أبواب صلاة المسافر الحديث ـ ٤.
(٢) الوسائل ـ الباب ـ ٧ ـ من أبواب صلاة المسافر الحديث ـ ١.
(٣) الوسائل ـ الباب ـ ٧ ـ من أبواب صلاة المسافر الحديث ـ ٣.
(٤) الوسائل ـ الباب ـ ٧ ـ من أبواب صلاة المسافر الحديث ـ ٥.