ما لم يصل فريضة تماما ، وليس العكس أولى منه ، بل هو أولى ، هذا.
وأنت خبير أن من مقومات الدليل المزبور فرض السفر بعد الزوال ، فلا وجه لدعوى اقتضاء الدليل المسطور التعميم لمطلق الشروع فيه ، كما ذكره المستدل المذكور وذكرناه نحن أولا جريا على مذاقه ، وبالجملة إلحاق الصوم بالفريضة في ذلك لا يخلو من نظر أو منع ، سواء كان العدول قبله أو بعده ، وان كان الثاني أقرب ، والاحتياط بالجمع لا ينبغي تركه فيه ، بل وفي كل مقام قد عمل فيه بعض الأعمال المتوقف جوازها على الإقامة كما سمعته من الوجه الأول ، بل قد يتأكد الاحتياط فيما إذا لم يعمل أصلا إلا أن الإقامة قد ترتب أثرها في الفريضة ، كما لو ترك الصلاة في تمام الوقت على وجه يثبت قضاؤها عليه تماما ثم عدل ، فإنه قد صرح غير واحد من الأصحاب بوجوب التمام عليه حينئذ معللين له باستقرار إتمام الفائت في الذمة ، فهو كمن صلى تماما من غير فرق بين التارك عمدا أو نسيانا.
والمناقشة فيه بمنع وجوب قضائها تماما مع فرض عدوله قبل قضائها ـ نعم هو متجه لو قضاها خارج الوقت تماما ثم عدل لظهور تناول النص حينئذ له ـ يدفعها معلومية وجوب قضاء الفائت كما فات ، وقد فات تماما قطعا فيجب قضاؤها كذلك ، وكذا المناقشة بأنه لو أريد من أثر النية ما يشمل ذلك لاتجه القول بوجوب الإتمام حتى لو رجع قبل خروج الوقت (١) ، لأنه بمجرد النية صار حكمه الإتمام بحيث لو كان في ذلك الوقت فرض حاضر لصلاة تماما ، وكفى في ذلك تأثيرا ، إذ هو كتأثير القضاء ، إذ لا يخفى عليك تفاوت المقامين ، فان التأثير في هذا تقديري بخلافه في القضاء فإنه تحقيقي ، بل هو غير التأثير لو فرض دخول الوقت عليه حال نية المقام بحيث خوطب
__________________
(١) هكذا في النسخة الأصلية ولكن الظاهر « قبل دخول الوقت ».