وظاهره الإتمام حتى لو كان في ابتداء نيته التردد فيما دون المسافة ، وقد عرفت ما فيه سابقا ، وكفى بذلك دليلا على الحكم المذكور ، إذ هو إن لم يكن إجماعا كاشفا عن رأي المعصوم فلا ريب في حصول العلم من مثل هذا الاتفاق بوصول دليل معتبر دلهم على ذلك بحيث لو اطلعنا عليه لقلنا كمقالتهم ، وكلما يفرض من الاحتمالات ينفيه القطع العادي بعدمه من المجموع.
مع أنه يمكن أن يستدل عليه مضافا الى الإجماع المحكي الذي يشهد له ما سمعت باندراجه فيما دل على القصر على المسافر المقتصر في الخروج عنه على المتيقن ، وهو غير الفرض ، إذ نية الإقامة لا تخرجه قطعا عن صدق المسافر ، وبنحو صحيح أبي ولاد (١) السابق ، ضرورة صدق الخروج بالنسبة إلى الفرض ، إذ دعوى إرادة غير المشتمل على قصد العود عنه ممنوعة ، وبصدق قصد المسافة عليه عند إرادة العود ، أقصاه المرور بمحل الإقامة ، وهو ليس من القواطع ، ولا ينافيه كثرة إرادة (٢) المكث فيه بعد قصوره عن قصد الإقامة الشرعية ، إذ هو مار شرعا ، وكذا لا ينافيه عدم كون محل الإقامة في جهة البلد التي يريد السفر إليها ، ضرورة اختلاف الأغراض والمقاصد للمسافرين في محل مرورهم ، فتارة يكون غرضه في مكان على الجهة ، وأخرى على خلافها ، بل قد يقال وكذا لا ينافيه إرادة تكرار العود الى محل الإقامة وما دون المسافة بالنسبة إليها وعدمه ، كما هو قضية إطلاق الأصحاب وتعليقهم القصر على مجرد عدم قصد الإقامة ، إذ هو على كل حال قاصد قطع المسافة وان اتفق له التردد في أثنائها لبعض الأغراض ، سواء قصد ذلك ابتداء أو طرأ له في الأثناء ، كما إذا لم ينو الإقامة أصلا أو لم يكن عازما على العود إلا أنه طرأ له ، فان ذلك كله محسوب عليه من سفره ومسافته وإن لم يكن
__________________
(١) الوسائل ـ الباب ـ ١٨ ـ من أبواب صلاة المسافر الحديث ١.
(٢) هكذا في النسخة الأصلية ولكن الصحيح « ارادة كثرة المكث فيه ».