قلنا بعدم جواز عقد البيع غير السلم بلفظ « أسلمت » و « أسلفت » يجوز عقده بصيغة البيع ، بل الظاهر عدم احتياجه إلى قصد السلمية بعد أن يكون الموضوع موضوعها ، لعدم كونه ماهية أخرى حتى يحتاج إلى قصدها ، بل يكفي في كونه سلما قصد البيعية وكون الموضوع موضوع السلم قصده أو لم يقصده ، بخلاف الماهيات المختلفة ، فإنه مع اتحاد المورد فيها لا بد في ترتب كل واحد منها بالخصوص من قصد الخصوصية ، ولا يكفى قصد المعنى المشترك بينها.
ففي المقام إذا أوقع الطلاق بالفدية مع الكراهة كان خلعا قصده أو لم يقصده بعد أن عرفت أنه قسم خاص منه ، فيكفي في تحققه حينئذ قصد الطلاق فيما هو موضوع الخلع وإن لم يقصد الخلع ، كما يكفي في كون البيع سلما قصد البيع فيما هو موضوع السلم وإن لم يقصد السلمية ، ومن هنا كانت جميع شرائط الطلاق شرائط الخلع ولا عكس ، كالسلم بالنسبة إلى البيع.
كما أنه بذلك يظهر أنه لا وجه لدعوى أعمية الطلاق بالعوض من الخلع فيشترط الكراهة في الثاني دون الأول ، كما وقع من ثاني الشهيدين في المقام وغيره ، ضرورة عدم الدليل ، بل ظاهر الأدلة خلافها ، منها المعتبرة المستفيضة الدالة على عدم حلية أخذ شيء من المرأة مع عدم الكراهة (١) وإطلاق أدلة الطلاق لا يقتضي مشروعيته مع العوض وإن لم تكن كراهة ، خصوصا بعد عدم قابلية الطلاق للتمليك المنافي لأصالة بقاء المال على ملك مالكه ، ولذا لم يقبل شرطية تمليك شيء من الأشياء ، لا من طرف المطلق ولا المطلقة ، وهو واضح ، وسيأتي لك زيادة تحقيق لذلك ، وإن كان مما ذكرنا يظهر لك النظر في كلام جملة من الأساطين فضلا عن غيرهم ، وحينئذ فيمكن إرادة المصنف ما ذكرنا.
بل لعله أيضا هو مراد غيره ممن صحح وقوع الخلع بصيغة الطلاق ، بل في كشف اللثام عن المبسوط نفي الخلاف فيه ، لا أن المراد وقوعه بصيغة الطلاق مقصودا
__________________
(١) الوسائل الباب ـ ١ ـ من كتاب الخلع والمبارأة.