فدفعوها إلى » وفي رواية اخرى (١) « إن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم أعطاه مكتلا فيه خمسة عشر صاعا ، فقال : أطعمه ستين مسكينا ، وذلك لكل مسكين مد ».
إلا أن هذا الخبر لم نجده في طرقنا ، وإنما هو من طرق العامة ، كما اعترف به غيرنا أيضا ، وإطلاق الأدلة لا تناول فيه للفرض ، بل المنصرف منه غيره ، خصوصا بعد أن كان الظهار في الجاهلية لحرمة الأبد ولم يشرعه الشارع ، بل جعله من المحرمات وأنه لا يفيد حرمة ولكنه يوجب الكفارة ، فالإطلاق حينئذ ليس إلا للظهار المزبور ، بل لعل قوله تعالى (٢) ( ما هُنَّ أُمَّهاتِهِمْ إِنْ أُمَّهاتُهُمْ إِلاَّ اللاّئِي وَلَدْنَهُمْ ) مشعر بذلك ، بل إن شرع الإطلاق المزبور التقييد بالوقت فليشرع أيضا التقييد بالمكان وبغيرهما من الأحوال الذي لم نعرف له أثرا في كلام الأصحاب ، فلا ريب في أن المتجه بحسب الأصول العدم ، مؤيدا بالصحيح (٣) المزبور وإن قيل : إنه مختلف النسخ ، ففي بعضها ما سمعت ، وفي آخر عوض « يوما » « فوفى » وحينئذ يخرج عن الدلالة على المقام ، ضرورة كون المراد أنه وفى بظهاره ، أي لم يقرب ، بل ظاهر الوافي أن هذه النسخة هي المعتمدة ، بل قيل : لا دلالة فيه على النسخة الأخرى أيضا ، إذ يمكن أن يكون نفي الشيء عليه لوفائه بما قال باعتبار قصر اليوم ، لكن هذا كله لا ينافي التأييد ، للأصول ولو للظهور أو الاحتمال على بعض النسخ ، والله العالم.
هذا وربما قيل : إن قصرت المدة عن زمان التربص لم يقع لأن الظهار يلزمه التربص مدة ثلاثة أشهر من حين الترافع وعدم الطلاق ، وهو يدل بالاقتضاء على أن مدته تزيد عن ذلك ، وإلا لا لانتفى اللازم الدال على انتفاء الملزوم ، بل عن المختلف اختياره وإن كنا لم نتحققه ، بل في المسالك لا بأس به ، والرواية
__________________
(١) سنن البيهقي ج ٧ ص ٣٩٠.
(٢) سورة المجادلة : ٥٨ ـ الآية ٢.
(٣) المتقدم في ص ١٠٩.