محله ، وبالجملة فكلامهم في هذا الباب مختلف غير منقح ، لأنهم نارة يحكمون ببطلان عبادة الكافر مطلقا استنادا إلى تعذر نية القربة منه ، ومقتضى ذلك إرادة المعنى الثاني ، لأن ذلك هو المتعذر منه لا الأول ، وتارة يجوزون منه بعض العبادات كالعتق وسيأتي تجويز جماعة من الأصحاب له منه مع اشتراط القربة فيه ، نظرا إلى ما ذكرناه من الوجوه في الأول ، وقد وقع الخلاف بينهم في وقفه وصدقته وعتقه المتبرع به ونحو ذلك من التصرفات المالية المعتبر فيها القربة ، واتفقوا على عدم صحة العبادات البدنية منه نظرا إلى أن المال يراعى فيه جانب المدفوع إليه ولو بفك الرقبة عن الرق ، فيرجح فيه جانب الغرامات ، بخلاف العبادات البدنية ، ومن ثم ذهب بعض العامة إلى عدم اشتراط النية في العتق والإطعام واعتبرها في الصيام إلا أن هذا الاعتبار غير منضبط عند الأصحاب كما أشرنا إليه وسيأتي له في العتق زيادة بحث إنشاء الله ».
وأورد عليه في الرياض بأن فيه ـ مضافا إلى ما دل على شرطية الايمان وعدم صحة عبادة المخالف الذي هو أولى من الكافر من الإجماع والنصوص (١) ـ أنه لا تتأتى منه نية القربة التي هي قصد الامتثال وموافقة الأمر ، لعدم اعتقاده بموجب الكفارة ، إذ هو إما منكر للبارئ تعالى كالدهرية ونحوهم أو جاحد للنبي صلىاللهعليهوآلهوسلم المبين لذلك الأمر به عنه سبحانه ، فإذا صام بعد الظهار مثلا لا يمكنه قصد الامتثال بذلك والعزم على أن الصيام كفارة لما وقع منه ، فإنه لا يعتقد تحقق الحرمة بالموجب فضلا عن كون الصيام مكفرا لها ، بل يجعلهما حراما وبدعة بقصد التشريع في شرعه ، ولعل هذا هو السر في حكم الأصحاب بفساد عبادة الكفار ، لعدم تحقق قصد القربة بهذا المعنى منهم.
والعجب من شيخنا في المسالك حيث اعترضهم في ذلك وجوز صدور نية القربة بهذا المعنى عنهم ، فيا لله كيف يقصد الكافر بما يأتي به من هيئة صلاتنا أنه عبادة
__________________
(١) الوسائل الباب ـ ٢٩ ـ من أبواب مقدمة العبادات.