علم الولي بالحال ففي المسالك وغيرها « رجع على المختلعة بمثلها أو قيمتها ، لحصول التلف قبل قبض المستحق للقبض ، ولو علم وتركها في يده حتى تلفت مع تمكنه من قبضها ففي ضمان الولي أو الدافع وجهان ، أجودهما الثاني وإن أثم الولي بتركها في يده.
وإن كان الخلع على دين رجع الولي على المختلعة بمثله ، لأنه لم يجر قبض صحيح تحصل به البراءة ، وتسترد المختلعة من السفيه ما سلمته إليه ، فإن تلف قبل رده ففي ضمانه له وجهان تقدما في بابه ، ولا ضمان هنا على الولي وإن أمكنه انتزاعه منه بغير إشكال ، لأنه ليس عين الحق. هذا كله إذا كان التسليم إلى السفيه بغير إذن الولي ، فإن كان بإذنه ففي الاعتداد به وجهان : من أنه تسليم مأذون فيه ممن له الولاية فكان مبرئا ، ومن الشك في نفوذ مثل هذا الإذن إذ ليس للولي أن يفوض إلى السفيه الأمر في ماله إلا أن يفرض مراعاته له بحيث لا يخرج عن يده ، فيتجه البراءة ، وهذا التفصيل حسن ، وأطلق في القواعد البراءة مع إذنه ، ولا يخلو من إشكال ».
قلت : قد تقدم تحقيق الحال في تصرفات السفيه في بابه ، لكن المتجه هنا ضمان السفيه ما دفعته إليه ، إذ ليس هو كالمجنون الذي يكون الدافع إليه أقوى في الإتلاف ، لأنه عاقل ، وقد دفع إليه المال على وجه مخصوص لا مجانا ، فلا ريب في أنه أقوى من السبب ، ومن هنا كان المحكي عن التذكرة نفى البأس عن التضمين مطلقا بعد فك الحجر عنه.
وحينئذ فما في القواعد نحو ما سمعته من المسالك ـ من أنه ليس لها الرجوع على السفيه بعد فك الحجر عنه ، لأنها سلطته على إتلافه بتسليمه ـ لا يخلو من نظر خصوصا مع الجهل بحاله ، بل قد يقال : لها المطالبة لوليه بذلك قبل فك الحجر عنه ، بل قد يقال بحصول التهاتر قهرا معها ، لاشتغال ذمته لها بما اشتغلت ذمتها له ، وبذلك يظهر لك أن ما في المسالك وكشف اللثام تبعا للقواعد لا يخلو من غبار فتأمل ، هذا