به غير واحد من الأصحاب من أنّ « الراهن والمرتهن ممنوعان من التصرف » (١) فإنه إذا لم يجز للراهن لم يجز لغيره أيضاً ولو بإذنه.
أقول : أما عدم جواز تصرف المرتهن بدون إذن الراهن فواضح ، ضرورة عدم جواز التصرف في ملك الغير من دون إذنه ، ومجرد الاستيثاق لاستيفاء الدين لدى بلوغ أجله لا يسوغ التصرف ما لم ينص عليه ، وهذا ظاهر.
وأما عدم جواز تصرف الراهن من دون إذن المرتهن ، فهو وإن كان مشهوراً بين الأصحاب إلا أنه لا يمكن المساعدة على إطلاقه ، بل لا بد من التفصيل بين التصرفات المنافية لحق الرهانة ، وغير المنافية ، فلا تجوز الاولى ، سواء أكانت اعتبارية كالوقف ، حيث إن الوقفية تضاد كونها وثيقة ، بداهة امتناع استيفاء الدين من العين الموقوفة بعد تعذر بيعها ، أم خارجية كالإتلاف التكويني بأكل ونحوه.
وأما الثانية ، فلا بأس بها ، سواء أكانت اعتبارية أيضاً كالبيع ، أم خارجية كاللبس ونحوه. فان بيع العين المرهونة وإن منعه المشهور ، وعلله بعضهم باعتبار طلقية الملك المفقودة في مورد الرهن ، إلا أنا ذكرنا في بحث المكاسب (٢) أن الأقوى جوازه ، نظراً إلى أن البيع لا يزيل حق المرتهن ولا يزاحمه ، بل ينتقل به متعلق حقه من ملك الراهن إلى ملك المشتري ، وهذا لا ضير فيه سيّما بعد ملاحظة جواز جعل ملك الغير رهناً باذنه ابتداءً كما في استرهان العين المستعارة بإجازة المعير ، فاذا ساغ حدوثاً ساغ بقاءً أيضاً بطريق أولى (٣)
__________________
(١) المستدرك ١٣ : ٤٢٦ / أبواب كتاب الرهن ، ب ١٧ ح ٦.
(٢) مصباح الفقاهة ٥ : ٢٣٨.
(٣) هذه الأولوية ادعاها المحقق الايرواني أيضاً في تعليقته على المكاسب : ص ١٩٠ ، ولكن السيد الأستاذ ( دام ظله ) لم يذكرها في بحث المكاسب وكأنه لم يرتض بها.
ولعل الوجه فيه : أن القائل بعدم جواز البيع يرى أن العين المرهونة متعلقة لحق المرتهن بما أنها مضافة إلى المالك المعيّن لا بما هي هي ، فالنقل من ملك المالك حين الرهن تصرف