فلا يصغي إلى ما يقال من أنّ الفقيه من ألقاب الحجة عليهالسلام أيضاً كالكاظم ، أو أنّ المراد معناه الوصفي لا الاسمي ، مستشهداً بظاهر قول الحميري كتبت مؤيداً بالتصريح بصاحب الأمر عليهالسلام في روايته الأُخرى المتقدمة (١) المروية عن الاحتجاج.
فإن الرواية الأخيرة ضعيفة السند فلا يعبأ بها ، والفقيه لم يعهد إطلاقه على الحجة عليهالسلام ، ولفظة « كتبت » إنما تكشف عن إرادته عليهالسلام لو علم أنّ قائلها هو الحميري ، ولم يثبت ، لما عرفت آنفاً من استظهار أنّه غيره ، أو لا أقل من الاحتمال ، فكيف يستدل بها على إرادة الحجة عليهالسلام فالأقوى ضعف سند الرواية من جهة احتمال الإرسال لو لم يطمأن به كما عرفت.
وأما من حيث الدلالة : فمحتملات الرواية ثلاثة :
الأوّل : أن يكون المراد من قوله عليهالسلام ، ويجعله الامام تنزيل القبر منزلة الامام عليهالسلام وفرضه كأنه هو ، فكما لا يتقدم عليه عليهالسلام فكذا على قبره.
وهذا كما ترى ، فانّ الجعل والفرض لا يترتب عليه أثر ولا يغيّر الواقع عما هو عليه ، فان القبر إن لم يجز التقدم عليه لا يحتاج إلى الفرض والتنزيل ، وإلاّ فمجرد الفرض لا يوجب إجراء حكم الامام عليهالسلام عليه ، فلا يكون التعبير على هذا التفسير سَلِساً ، بل لا يخلو من الركاكة كما لا يخفى. على أن التقدم على الامام عليهالسلام في نفسه لا حرمة فيه ما لم يستلزم الهتك المنفي في المقام.
الثاني : أن يراد من ذلك تنزيل القبر الشريف منزلة إمام الجماعة ، فكما لا يتقدم المأموم على الامام فكذا المصلي لا يتقدّم على القبر.
__________________
(١) في ص ١٠٠.