التهذيب (١) من أن من يبدأ به السند فإنما يرويه عن كتابه ، أنه يرويها عن كتابه ، وطريقه إلى الكتاب صحيح.
وأما من ناحية الدلالة ، فالظاهر أنها قاصرة ، لابتنائها على استناد فساد صلاة المرأة إلى المحاذاة ، إذ لو كانت فاسدة في حدّ ذاتها حتى مع الغض عن هذه الجهة فمثلها لا يستوجب فساد الصلاة السابقة ، إلا إذا قلنا إنه يكفي في البطلان مجرد مسمّى الصلاة عرفاً ولو كانت فاسدة مع قطع النظر عن المحاذاة.
ومن الجائز استناد الفساد في المقام إلى أحد أمرين آخرين :
أحدهما : اختلاف فرضها مع فرض الامام ، حيث إنها تقتدي عصرها بظهره ، وقد بنى بعضهم ومنهم الشيخ المفيد في المقنعة على بطلان الجماعة في هذه الصورة لاعتبار المساواة في الفريضة (٢) وقد ذكر الشيخ الطوسي (٣) هذه الرواية في ذيل تلك الفتوى دليلاً عليها.
ثانيهما : عدم تأخرها عن الامام لقيامها حياله ، ويعتبر في صحة الجماعة تأخرها عنه.
ومع تطرق هذين الاحتمالين كيف يمكن الاستشهاد بها على المدعى.
وبالجملة : لم يعلم أنّ الأمر بإعادة المرأة خاصة لأجل الاجتماع المفروض بينها وبين القوم كي تدل الصحيحة على صحة السابقة ، هذا أوّلاً.
وثانياً : مع الغض وتسليم كونها ناظرة إلى جهة المحاذاة كما قد يعضده ضم السؤال عن صحة صلاة القوم ، حيث لا يحتمل فساد صلاتهم من غير هذه الناحية فالحكم بصحة صلاتهم مطلق من حيث البعد وكمية الفصل ، ومن البعيد جدا أن تقف المرأة متصلة بالرجل خصوصاً على ما في
__________________
(١) التهذيب ١٠ ( المشيخة ) : ٤.
(٢) [ لم نجد هذا الحكم في المقنعة وإنمّا أضاف الشيخ الطوسي باب أحكام الجماعة في التهذيب وأورد هذه الرواية في هذا الباب ذيل فتوى أخرى ].
(٣) التهذيب ٣ : ٤٩ / ١٧٣.