فهنا مقامان :
أما المقام الأوّل : فالصواب ما صنعه في المتن من الاحتياط المطلق في التجنب عنه. وذلك لا لما رواه الصدوق في حديث المناهي : « قال : نهى رسول الله صلىاللهعليهوآله عن الصلاة على ظهر الكعبة » (١) لضعف طريق الصدوق إلى شعيب بن واقد الواقع في السند. مضافاً إلى جهالة شعيب نفسه. ولا لما رواه الكليني بإسناده عن عبد السلام بن صالح عن الرضا عليهالسلام « في الذي تدركه الصلاة وهو فوق الكعبة ، قال : إن قام لم يكن له قبلة ، ولكن يستلقي على قفاه ويفتح عينيه إلى السماء ويعقد بقلبه القبلة التي في السماء البيت المعمور » (٢) لضعف سندها أيضاً. مضافاً إلى شذوذها بل ودعوى الإجماع على خلافها.
بل لأجل خروج هذا الموقف عن منصرف النصوص الآمرة بالتوجه نحو القبلة الشريفة الواردة في الكتاب والسنة ، فانّ المنسبق من التوجه المزبور مغايرة موقف المتوجه مع ما يتوجه إليه ، المنوط بكونه خارج البنية المشرّفة لكي يتمكن من التوجه نحوها والالتفات إليها ، فلا يصدق على الواقف على سطح الكعبة أنّه متوجه شطر المسجد الحرام إما جزماً أو لا أقل انصرافاً. ألا ترى أنّ من كان على سطح الغرفة وقيل له توجه إليها ، يرى نفسه عاجزاً عن الامتثال ما لم يخرج عنها ويستقبلها من مكان آخر. إذن يتعين عليه الخروج من الكعبة والصلاة في موضع آخر.
نعم ، لو اضطر إلى الصلاة على سطحها ، كما لو لم يتمكن من النزول وقد ضاق الوقت صلى حينئذ قائماً راكعاً وساجداً ، فإنّ ذلك غاية وسعه ، وإن كان الأولى ضم صلاة أُخرى مستلقياً متّجها إلى البيت المعمور رعاية للنص المزبور.
__________________
(١) الوسائل ٤ : ٣٤٠ / أبواب القبلة ب ١٩ ح ١ ، الفقيه ٤ : ٥ / ١.
(٢) الوسائل ٤ : ٣٤٠ / أبواب القبلة ب ١٩ ح ٢ ، الكافي ٣ : ٣٩٢ / ٢١.