فالمراد مما أُكل في هذه الأخبار ما كان قابلاً وصالحاً في حدّ نفسه للأكل ، سواء أتوقف ذلك على العلاج والإتيان بمقدمات من طبخ ونحوه أم لا ، لصدق القابلية على التقديرين كما لا يخفى.
ويكشف عن هذا التعميم عطف الملبوس على المأكول في هذه الأخبار ، فإنّ المأكول من النباتات وإن لم يحتج بعض مصاديقه إلى العلاج كأصناف الفواكه ، إلا أنّ الملبوس منها يحتاج إليه دائماً من نسج أو غزل ونحوهما ، فوحدة السياق تكشف عن أنّ المراد ما هو الأعم من القسمين.
ثم إنّ القابلية المزبورة التي هي الموضوع للمنع في هذه الأخبار بالبيان المتقدم بما أنّها من العناوين الاشتقاقية ، والظاهر من أمثالها لزوم التلبس بالمبدإ والاتّصاف به فعلاً دون ما كان أو سيكون ، فيدور الحكم نفياً وإثباتاً حدوثاً وبقاءً مدار العنوان الاشتقاقي والوصف العنواني ، فما كان بالفعل واجداً لقابلية الأكل أو اللبس ولو بمعونة العلاج كما عرفت لم يجز السجود عليه ، وما كان فاقداً لها سواء اتصف بها سابقاً ثم زال أم لا ، وسواء يتصف به لاحقاً أم لا ، جاز السجود عليه ، فالمنع يدور مدار التلبس بالقابلية فعلاً كما هو الشأن في بقية العناوين الاشتقاقية المأخوذة موضوعاً لحكم من الأحكام كعدالة زيد ، وعلم عمرو ، وكرية الماء وأمثالها.
إذا تحقّقتَ المراد من الاستثناء في هذه الأخبار ، تعرف أنّه لا ينبغي الإشكال في عدم جواز السجود على ورق العنب حال كونه رطباً ، لصلاحيته حينئذ للأكل ولو بمعونة الطبخ بحيث يعدّ فعلاً من قسم المأكولات.
كما لا ينبغي الإشكال في الجواز بعد اليبس ، لخروجه بعدئذ عن تلك الصلاحية والاستعداد ، فهو بالفعل غير قابل للأكل في حدّ نفسه وإن كان قابلاً له سابقاً ، وقد عرفت آنفاً دوران الحكم مدار العنوان الاشتقاقي حدوثاً وبقاءً ، بل الحال كذلك قبيل اليبس وأواخر حالات رطوبته بحيث