إنّما الكلام في أنّ الحكم هل يختص بمورد الحرج ، أو يعمّه وما إذا لم يترتب سوى تلطخ الثياب والبدن من دون حرج في ذلك ، كما إذا كان متّزراً وهو على الساحل والهواء حارّ بحيث لو سجد يمكنه التنظيف بعدئذ من غير مشقة؟
مقتضى الجمود على النص هو الأوّل ، فإنّ الظاهر من قول السائل : « وهو في موضع لا يقدر .. » إلخ بعد امتناع الحمل على عدم القدرة عقلاً لندرته جدّاً كما لا يخفى ، هو عدم القدرة عرفاً المساوق للحرج ، فيحتاج التعدي والتعميم لما لا يستلزمه إلى دليل أو قرينة تقتضيه.
وقد يقال : إنّ القرينة عليه هو قوله : « ولا يجد موضعاً جافاً » ، حيث إنّ فرض عدم وجدان موضع جاف بمقدار ما تسعه الجبهة المستلزم لكون السجود حينئذ حرجياً فرض نادر ، فلا بدّ وأن يكون الموضوع لبدلية الإيماء مجرد تلطخ الثياب وتلوّثها بالطين من دون فرق بين أن يكون السجود والجلوس له وللتشهد حرجياً وأن لا يكون.
وفيه أوّلاً : أنّ السؤال عن الفرد النادر على تقدير تسليمه لا قبح فيه ، وإنّما القبيح حمل المطلق على الفرد النادر ، والمقام من قبيل الأوّل ، والفرق بين الأمرين لا يكاد يخفى.
وثانياً : أنّ مفروض السؤال إصابة المطر المستوجب لاستيعاب وجه الأرض ، وبطبيعة الحال لا يوجد معه مكان جاف بمقدار ما يسعه بدن المصلي حين صلاته في قيامه وقعوده وركوعه وسجوده ، فلا يكون ذلك من الفرد النادر. نعم لو أريد عدم وجدان موضع جاف لخصوص المسجد وموضع الجبهة تمت الندرة حينئذ ، لكنّ المراد ما ذكرناه كما لا يخفى.
وعليه ، فلا مقتضي لرفع اليد عن ظهور قوله : « لا يقدر .. » إلخ في إرادة عدم القدرة العرفية المساوقة للحرج.
فالإنصاف : أنّه لا دليل على جواز الانتقال إلى الإيماء بمجرد التلطخ