نعم ، لو كان مفادها الإجزاء عن الأمر الصلاتي اقتضى الوجوب ، وليس كذلك ، بل المجزأ عنه الأذان كما صرّح به فيها ، دون الصلاة.
ومنها : رواية الصباح بن سيابة قال : « قال لي أبو عبد الله عليهالسلام : لا تدع الأذان في الصلوات كلها ، فان تركته فلا تتركه في المغرب والفجر فإنه ليس فيهما تقصير » (١).
وفيه : مضافاً إلى ضعف السند بابن سيابة ، أنّها قاصرة الدلالة ، فإنّ لسانها أشبه بالاستحباب كما لا يخفى.
ومنها : صحيحة ابن سنان عن أبي عبد الله عليهالسلام « قال : تجزئك في الصلاة إقامة واحدة إلا الغداة والمغرب » (٢). وهذه لا بأس بدلالتها للتصريح فيها بالإجزاء عن الصلاة لا عن الأذان.
اللهم إلا أن تحمل على الثاني بقرينة صحيحة زرارة المتقدمة بعد العلم بوحدة المراد منهما.
وكيف كان ، فتدلنا على عدم الوجوب صحيحتان :
إحداهما : صحيحة عمر بن يزيد قال : « سألت أبا عبد الله عليهالسلام عن الإقامة بغير الأذان في المغرب ، فقال : ليس به بأس ، وما أُحبّ أن يعتاد » (٣) فإنّها صريحة في جواز الترك ، وموردها وإن كان هو المغرب لكن يتعدى إلى صلاة الفجر ، للقطع بعدم القول بالفصل وتساويهما في عدم التقصير المصرّح به في خبر ابن سيابة المتقدم ، وفي صحيحة صفوان الآتية ، وفي كونهما مفتتح صلوات الليل والنهار كما صرّح به في صحيحة زرارة المتقدمة.
الثانية : صحيحة صفوان بن مهران عن أبي عبد الله عليهالسلام « قال : الأذان مثنى مثنى ، والإقامة مثنى مثنى ، ولا بدّ في الفجر والمغرب من أذان وإقامة في الحضر والسفر ، لأنّه لا يقصر فيهما في حضر ولا سفر ، وتجزئك إقامة
__________________
(١) الوسائل ٥ : ٣٨٦ / أبواب الأذان والإقامة ب ٦ ح ٣.
(٢) ، (٣) الوسائل ٥ : ٣٨٧ / أبواب الأذان والإقامة ب ٦ ح ٤ ، ٦.