فدعوى اختصاص التشريع بأذان الاعلام ، نظراً إلى ما تقتضيه نفس التسمية بالأذان ، حيث إنّه بمعنى الاعلام ، لا وجه لها ، إذ المستفاد من تلك النصوص استحبابه لأجل الصلاة سواء أتحقق معه الاعلام أيضاً أم لا.
وأمّا مشروعيته للاعلام بدخول الوقت وإن لم يرد المؤذّن الصلاة ، فتدل عليه السيرة القطعية المتصلة بزمن النبي صلىاللهعليهوآله.
ويظهر من معتبرة زرارة أنّ النبي صلىاللهعليهوآله كان له مؤذّنان : ابن أُمّ مكتوم وبلال ، وأنّه صلىاللهعليهوآله « قال : فإذا أذّن بلال فعند ذلك فأمسك » (١).
وقد دلت على استحبابه نصوص كثيرة ، كصحيحة معاوية بن وهب عن أبي عبد الله عليهالسلام « قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوآله من أذّن في مصر من أمصار المسلمين سنة وجبت له الجنة » (٢).
وعن أبي جعفر عليهالسلام « قال : من أذّن عشر سنين محتسباً يغفر الله له مدّ بصره وصوته في السماء » (٣).
وروى الشيخ بإسناده عن سليمان بن جعفر عن أبيه قال : « دخل رجل من أهل الشام على أبي عبد الله عليهالسلام فقال له : إنّ أوّل من سبق إلى الجنة بلال ، قال : ولم؟ قال : لأنه أوّل من أذّن » (٤) إلى غير ذلك مما دل على استحباب أذان الاعلام في نفسه.
وبالجملة : فكلّ من النوعين سائغ يستحب في حد نفسه ، وبما أنّ النسبة بينهما عموم من وجه فربما يتداخلان ويكون أذان واحد مجمعاً للعنوانين ، فيقصد به الاعلام والصلاة معاً ، كما قد يفترقان. ومقتضى إطلاق الدليل في كل
__________________
(١) الوسائل ١٠ : ١٢٠ / أبواب ما يمسك عنه الصائم ب ٤٩ ح ٣.
(٢) الوسائل ٥ : ٣٧١ / أبواب الأذان والإقامة ب ٢ ح ١.
(٣) الوسائل ٥ : ٣٧٢ / أبواب الأذان والإقامة ب ٢ ح ٥.
(٤) الوسائل ٥ : ٣٧٣ / أبواب الأذان والإقامة ب ٢ ح ٧.