يتخير عقلاً بين الجميع لتساوي نسبة الغصب إلى الكل وعدم زيادة بعضها على بعض بشيء.
ونتيجة ذلك وجوب الإتيان بصلاة المختار المشتملة على الركوع والسجود ، لعدم المانع عنها بعد استكشاف العقل بمقتضى الاضطرار المتعلق بجامع الكون في المكان المغصوب الترخيص العام لجميع تلك الافعال.
نعم ، هذا فيما إذا لم تستلزم تلك الصلاة تصرفاً زائداً على ما يقتضيه الكون في ذلك المكان ، وإلا كما لو حبس في قبة بعضها مفروش واستلزم الصلاة على غير المفروش منها السجود على الفرش المغصوب انتقل حينئذٍ إلى الصلاة إيماءً وسقطت الصلاة الاختيارية ، إذ السجود على الفرش تصرف زائد على ما تقتضيه طبيعة الكون في ذاك المكان الذي هو مصبّ الاضطرار دون التصرف في الفرش ، والضرورات تقدّر بقدرها.
وعلى الجملة : في فرض عدم استلزام الصلاة الاختيارية تصرّفاً زائداً على البقاء في المحبس وجبت وتعيّنت لما عرفت من أنّ الجسم لا يشغل من الفضاء أكثر من حجمه ، ولا يستوجب ثقلاً على الأرض أكثر من وزنه ، واختلاف الطوارئ والهيئات كيف ما اتفقت لا يؤثر فرقاً في شيء من هاتين الجهتين بحكم العقل الكاشف عن أنّ الترخيص الشرعي في البقاء في ذلك المكان بمناط الاضطرار بعينه ترخيص في تلك الأفعال وإحداث تلك الهيئات بعد إذعانه بأنها من لوازم الوجود ولا تعدّ من التصرف الزائد.
فإن قلت : هذا إنما يستقيم بالإضافة إلى التصرف في الفضاء وأما بلحاظ التصرف في الأرض نفسها فكلاّ ، بداهة أنّ المصلي في حال القيام لا يتصرف في نفس الأرض إلا بمقدار موضع قدميه ، وأما في حال الجلوس فيتسع التصرف بمقدار مجلسه وبطبيعة الحال يكون الاتساع حال السجود أكثر ، وهذه تصرفات زائدة على ما يقتضيه طبع الكون في المكان الذي تعلق به الاضطرار. وبعبارة اخرى إشغال الفضاء لا يتغير عما هو عليه في شيء من الأحوال