وأورد عليهما في المدارك (١) على ما نقله في الحدائق (٢) بضعف السند والدلالة ، وقد تعجب صاحب الحدائق قدسسره من تضعيف الأُولى ، بأنّها إما صحيحة أو حسنة بإبراهيم بن هاشم ، وقد وصف صاحب المدارك رواية زرارة الآنفة الذكر قبل هذه الرواية بالصحة ، مع أنّ في سندها أيضاً إبراهيم بن هاشم ، فكيف ضعّف هذه الرواية (٣).
أقول : تعجّبه قدسسره في محله ، ولكن يظهر من تخصيص النقاش بالأُولى موافقته معه في تضعيف الثانية ، ولا وجه له ، فإنّها وإن كانت ضعيفة على مسلك صاحب المدارك ، لأنّ في الطريق جملة من الفطحية إلا أنّهم بأجمعهم ثقات. وصاحب الحدائق يعمل بالموثقات.
وكيف ما كان ، فلا ينبغي التأمل في صحة الروايتين سنداً.
وأمّا من حيث الدلالة فمناقشته قدسسره في محله ، فإنّ الأُولى ناظرة إلى المطابقة من حيث القصر والتمام لا إلى سائر الأحكام لتشمل الأذان والإقامة كما هو واضح.
وأمّا الثانية : فالمفروض فيها المفروغية عن مشروعية الأذان للثانية في نفسه ، وإنّما السؤال عن أجزاء الأذان للأُولى عنه ، وأين هذا من محل الكلام ، حيث يكون مشروعية الأذان للفائتة غير المسبوقة بمثلها أوّل الكلام.
وبعبارة اخرى : مورد الموثقة الإعادة في الوقت أو في خارجه بعد الوجود الأوّل ، وأنّ الأذان السابق المشروع فعله لا يجزئ عن اللاحق ، بل الذي يعاد إمّا وجوباً أو استحباباً ولو لأجل انعقاد الجماعة يعاد بجميع متعلقاته التي منها الأذان ، وأين هذا من محل الكلام الذي فرض فيه عدم الإتيان بالعمل في ظرفه رأساً وإنما يؤتى به في خارج الوقت ابتداءً ، فإنّ مشروعية الأذان لمثل ذلك لا تستفاد من الموثقة بوجه ، هذا.
__________________
(١) المدارك ٣ : ٢٦٢.
(٢) ، (٣) الحدائق ٧ : ٣٧٢ ، ٣٧٥.