وأقم » (١) فإنّ الفريضة التي هي الموضوع للحكم مطلق تشمل الأداء والقضاء. فإطلاق هاتين الموثقتين مضافاً إلى النصين المتقدمين (٢) ، أعني صحيحتي زرارة ومحمد بن مسلم يقتضي مشروعية الأذان لقضاء الرواتب اليومية كأدائها.
وأمّا الأمر الثاني : فعن غير واحد منهم المحقق في الشرائع (٣) أنّ السقوط في المقام على سبيل الرخصة ، بل نسب ذلك إلى المشهور ، بل ربما يدعى الإجماع عليه ، وخالفهم جماعة منهم صاحب الحدائق (٤) فذهبوا إلى أنّه عزيمة ، وهو الصواب ، إذ هو المنسبق من مستند السقوط ، أعني الصحيحتين المتقدمتين (٥) الدالتين عليه ، فانّ الظاهر من قوله عليهالسلام في صحيحة زرارة « ... ثم صلّ ما بعدها بإقامة إقامة لكل صلاة » أنّ الصلوات التالية مقيّدة بالإقامة خاصة ، غاية الأمر أنّ التقييد من باب الندب لا الحتم ، بعد البناء على عدم الوجوب في الأداء فضلاً عن القضاء. إذن فلا أمر بالأذان لما عدا الصلاة الأُولى رأساً.
ودعوى أنّ الصحيحة في مقام التخفيف والتسهيل فلا تدل على أزيد من الترخيص ، مدفوعة بأنّه أوّل الكلام ، بل ظاهرها أنّها في مقام بيان كيفية التصدي للقضاء ، وأنّ النهج الذي بيّنه عليهالسلام من اختصاص الأذان بالأُولى هي الوظيفة المقرّرة في هذه المرحلة لمن أراد تفريغ ذمته عن قضاء فوائته ، ولا دليل على كونه عليهالسلام في مقام التسهيل.
وأوضح منها صحيحة ابن مسلم حيث ورد فيها « ... ويقيم بعد ذلك في كل صلاة فيصلي بغير أذان حتى يقضي صلاته » فقد صرّحت بتقييد الصلوات التالية بعدم اقترانها بالأذان ، وظاهر التقييد انحصار الوظيفة في ذلك المساوق
__________________
(١) الوسائل ٥ : ٣٩٧ / أبواب الأذان والإقامة ب ١١ ح ٤.
(٢) في ص ٢٨٠ ، ٢٧٩.
(٣) الشرائع ١ : ٨٩.
(٤) الحدائق ٧ : ٣٨٢.
(٥) في ص ٢٧٩ ، ٢٨٠.