وصل إلى الشيخ والنجاشي بطريق آخر معتبر كما عرفت.
إلا أنّه لا يعذر في دعواه الجزم بالوضع وإن انحصر الطريق فيه ، بداهة جواز صدور الصدق من الضعيف ، إلا مع العلم بكذبه في ذلك وأنى له ذلك.
وكيف ما كان ، فلا ينبغي الشك في اعتبار الكتاب ، غير أنّ الذي يوقعنا في الريب أنّ الكتاب نادر وعزيز الوجود ، ولذا لم يصل إلى ابن الوليد والصدوق بطريق معتبر كما سمعت ، فهو إذن لم يكن من الكتب المشهورة المعروفة.
وعليه فلا ندري أنّ ما رواه الشيخ النوري في مستدركة هل هو مأخوذ من نفس الكتاب أو من غيره ، ولا سيما بعد ما تداول في الأعصار المتأخرة من الاكتفاء بمجرد الإجازة في الرواية ، بخلاف ما كان متعارفاً في العصور القديمة من قراءة الكتاب بأجمعه على الأُستاد ، أو قراءته على من يأخذه عنه فيرويه عنه قراءة لا إجازة ليتأكد على التمامية والصيانة عن النقص أو الزيادة.
إذن فغاية ما يثبت لدينا من رواية النوري عن كتاب النرسي أنّه قد وجد كتاباً يسمى بذلك وهو مجاز في النقل ، وهذا المقدار لا يجدي في المطلوب كما لا يخفى ، هذا من حيث السند.
وأمّا من ناحية الدلالة فهي مضطربة المتن كما اعترف به غير واحد ، لعدم وضوح الفرق بين الصورتين الأُوليين موضوعاً بعد اشتراكهما في عدم التفرق ، فكيف افترقا حكماً ، فحكم بسقوط الأذان والإقامة تارة ، وسقوط خصوص الأول اخرى.
وملخص الكلام : أنّ الرواية لا يمكن الاعتماد عليها لاضطراب متنها وضعف سندها ، فإنّ النرسي وكتابه وإن كانا معتبرين إلا أنّ الطريق إليه مقطوع. مضافاً إلى أنّها رواية شاذة ومعارضة بالروايات المشهورة القاضية بسقوط الأذان والإقامة معاً في تلك الحالة حسبما عرفت.
بقي شيء لم يتعرض إليه في المتن (١) : وهو أنّه هل الجماعة المنعقدة
__________________
(١) [ بل تعرّض لما يشمله في الشرط الرابع ص ٣٠٤ ].