السلام ) في الثانية : « ... أحسنت ادفعه عن ذلك وامنعه أشدّ المنع » عن الحمل على الرخصة ، فإنّه لم يكن من الجمع العرفي في شيء ، لما بين اللسانين من التدافع الظاهر ، بل هي كادت تكون صريحة في كون السقوط على سبيل العزيمة.
وربما يجمع بينهما بحمل الثانية على ما بعد التفرق ، وهو أيضاً كما ترى ، لأنّ ظاهر قوله عليهالسلام في الموثقة : « أدرك الإمام حين سلّم ... » ، إلخ ، إدراكه مقارناً للتسليم ، وهو ملازم لعدم افتراق الصفوف بطبيعة الحال فكيف تحمل على ما بعده.
وهناك وجه ثالث للجمع : وهو أنّ الطائفة الأُولى مختصة بالداخل في المسجد ، والثانية مطلقة من هذه الجهة ، فتحمل على الجماعة المنعقدة في غير المسجد ، فلا تعارض بعد تعدد المورد ، إذ السقوط من أحكام المسجد كما ستعرف.
وربما يورد عليه : بأنّ النسبة بينهما عموم من وجه ، فإنّ الثانية وإن كانت مطلقة من حيث المسجد وغيره ولكنّها خاصة بناوي الجماعة على العكس من الطائفة الأُولى ، فتتعارضان في مادة الاجتماع وهي ناوي الجماعة المنعقدة في المسجد ، والمرجع بعد التساقط إطلاقات الأذان والإقامة.
ويندفع : بأنّ إطلاق الطائفة الأُولى لغير الناوي محل تأمل ، كيف ومادة الاجتماع هي القدر المتيقّن من السقوط ، وإنّما الكلام في الإطلاق وشموله لغير هذا المورد ، فكيف تقع مورداً للتعارض ، بل قد تقدم (١) أنّ موثقتي زيد بن علي وأبي بصير ظاهرتان في ناوي الجماعة.
وعليه فتكون النسبة بين موثقة عمار وبين الطائفة الأُولى نسبة المطلق إلى المقيد ، فتقيّد بها عملاً بصناعة الإطلاق والتقييد فيختص مورد الموثقة بغير المسجد ، وتلك الطائفة بالمسجد ويعمل بما هو ظاهرها من كون السقوط فيه
__________________
(١) في ص ٢٩٥.