وقد استدل بها صاحب الحدائق (١) قائلاً إنّ أكثر الأصحاب لم يستدلوا بها وكأنه متفرد في ذلك.
ويندفع : بأنّ أقصى ما تدل عليه أنّ الموارد التي يجتزأ فيها بأذان الغير لو كان فيها نقص أتمه المصلي بنفسه ، من غير نظر إلى تعيين تلك الموارد ، بل هي مفروضة الوجود ، والاجتزاء فيها أمر مفروغ عنه وثابت من الخارج ، ومن الجائز أن يكون المراد صلاة الجماعة فلا إطلاق لها يتمسك به لمطلق السماع حتى مع الانفراد.
وبعبارة اخرى : للأذان نسبتان ، نسبة إلى المؤذّن ونسبة إلى السامع ، والظاهر من الصحيحة أنّ المجزي إنما هو الأذان باعتبار صدوره لا باعتبار سماعه لقوله عليهالسلام : « إذا أذّن مؤذّن » ولم يقل إذا سمعت أذان مؤذّن ، فلا جرم تختص بأذان الجماعة ، حيث إنّه يجزئ أذان الامام وإن لم يسمعه المأموم وبالعكس ، فاذا نقص شيء من أذان أحدهما أتمّه الآخر ، فلا ربط لها بالاجتزاء من حيث السماع الذي هو محل الكلام ، ولعله لأجله لم يستدل بها الأكثرون كما سمعته من صاحب الحدائق.
والعمدة في المقام روايتان :
إحداهما : معتبرة أبي مريم الأنصاري قال : « صلى بنا أبو جعفر عليهالسلام في قميص بلا إزار ولا رداء ولا أذان ولا إقامة إلى أن قال ـ : فقال : وإنّي مررت بجعفر وهو يؤذّن ويقيم فلم أتكلم فأجزأني ذلك » (٢).
والسند معتبر ، فإنّ أبا مريم وهو عبد الغفار بن القاسم ثقة والراوي عنه وهو صالح بن عقبة من رجال كامل الزيارات (٣) ، كما أنّ الدلالة واضحة ، وسيأتي (٤) إن شاء الله تعالى أنّ الكلام أثناء الإقامة يوجب استحباب إعادتها.
__________________
(١) الحدائق ٧ : ٤٣٠.
(٢) الوسائل ٥ : ٤٣٧ / أبواب الأذان والإقامة ب ٣٠ ح ٢.
(٣) ولكنه لم يكن من مشايخ ابن قولويه بلا واسطة فلا يشمله التوثيق.
(٤) في ص ٣٥٣.