مالكها ، وكذا آلاتها وأدواتها من الآجر ونحوه إذا كانت مغصوبة ولم يعرف لها مالك ، وذلك لإطلاق دليل المنع عن التصرف في مال الغير من دون إذنه الشامل لصورتي معلومية المالك ومجهوليته.
وذكر قدسسره أنه يجب الرجوع حينئذ إلى الحاكم الشرعي الذي هو ولي الغائب والاستئذان منه.
أقول : وجوب الرجوع إلى الحاكم في مثل المقام مبني على ثبوت الولاية المطلقة للفقيه وهو في حيّز المنع ، لقصور الأدلة عن إثبات ذلك كما تعرضنا له في بحث المكاسب (١).
نعم ، يجب الرجوع إليه في كل مورد كان مقتضى الأصل أو الدليل عدم جواز التصرف فيه ، وقد علمنا من الخارج عدم رضا الشارع باهماله والإعراض عنه ، ووجوب التصدي له والقيام به حسبة ، وهذا هو المعبّر عنه بالأُمور الحِسبية ، كما لو كان مال الغير في معرض التلف من غرق أو حرق ونحوهما ، وكما في أموال الأيتام والقاصرين الّذين لم يكن لهم قيّم وولي ، فإنه يجوز أو يجب التصرف والتصدي له ، فينقلب حينئذ مقتضى الأصل الأوّلي إلى الثانوي.
إلا أنّ المتيقن منه ما إذا كان ذلك بإذن الحاكم الشرعي ، لأن الواجب القيام إليه كفايةً ، ومن الجائز اختصاص ذلك بالحاكم ، لاحتمال ثبوت الولاية المطلقة له ، فيدور الأمر بين الاختصاص به أو التعميم له ولغيره ، فيكون من باب الدوران بين التعيين والتخيير ، والمتيقن من الخروج عن مقتضى الأصل الأولي إنما هو بالنسبة إلى الحاكم ، وأما غيره فحيث لا دليل عليه فيبقى تحت الأصل ، ونتيجة ذلك اختصاص التصرف به أو أن يكون باذنه ، فلا يجوز للغير التصدي من دون الرجوع إليه.
__________________
(١) مصباح الفقاهة ٥ : ٣٤.