ويقع الكلام تارة : في المال غير المزكى وأُخرى غير المخمس فهنا مقامان :
أما المقام الأول : فالظاهر من نصوص الباب التي منها قوله عليهالسلام : ما أنبتته الأرض ففيه الزكاة (١) أنّ الزكاة متعلق بنفس العين ، وإن اختلفوا في أنّ ذلك بنحو الكلي في المعيّن أو الإشاعة وحصول الشركة في العين ، أو الاشتراك في المالية.
وعلى أي حال فظاهر الأصحاب الاتفاق عليه كما يساعده ظواهر النصوص ، بل إنّ في بعضها التصريح بالشركة كما ورد إن الله تعالى شرّك الفقراء مع الأغنياء في أموالهم (٢) فليس ذلك حقاً ثابتاً في الذمة كما في الدين ، بل الحق ثابت في العين نفسها بأحد الأنحاء الثلاثة.
وعليه فلو اشترى بما فيه الزكاة شيئاً ، فبما أنّ مقدار الزكاة باقٍ بعد على ملك الفقراء ، فقد اشترى المبيع بالمال المشترك بينه وبين غيره ، فيتوقف نفوذ البيع الذي هو فضولي بالنسبة إليه على إذنه ، وبما أنّ المالك هو كلي الفقير دون المعيّن كي يعتبر إذنه ، إذ لم يدفع إليه بعد حتى يملكه ، فلا بدّ من الاستجازة من الحاكم الشرعي الذي هو ولي عليهم ، فإن أجاز وأمضى صحّ البيع في الجميع ، وانتقلت الشركة بينه وبين الفقراء من المال الزكوي إلى بدله وهو الدار مثلاً ، وإذا اشترى بعد ذلك حصتهم من الحاكم صار جميع الدار ملكاً له. وأما إذا لم يمض الحاكم ولم يجز البيع بطل بذلك المقدار وبقي على ملك المالك الأول ، هذا.
ويمكنه التخلّص بوجه آخر لا حاجة معه إلى الاستجازة من الحاكم ، وهو أن يؤدّي الزكاة من مال آخر ، إذ لا يعتبر أداؤها من نفس العين وإن كانت متعلقة بها ، كما تدل عليه صريحاً صحيحة عبد الرحمن بن أبي عبد الله قال : « قلت لأبي عبد الله عليهالسلام : رجل لم يزك إبله أو شاته عامين فباعها ، على من اشتراها أن يزكيها لما مضى؟ قال : نعم تؤخذ منه زكاتها ويتبع بها
__________________
(١) الوسائل ٩ : ٦٧ / أبواب ما تجب فيه الزكاة ب ١١ ح ٤. ( نقل بالمضمون ).
(٢) الوسائل ٩ : ٢١٩ / أبواب المستحقين للزكاة ب ٤ ح ٤. ( نقل بالمضمون ).