الانطباق ، وقد مرّ آنفاً أنه يكفي في حلية التصرف الرضا التقديري بهذا المعنى ولا يتوقف على فعلية الرضا. ومقتضى إطلاق الموثق أن حصول الرضا فعلاً أو تقديراً في الجملة أي ولو بعنوان ما كافٍ في جواز التصرف ، سواء قارنته كراهة من جهة أُخرى وبعنوان آخر أم لا.
وفي المقام وإن اجتمع الرضا التقديري مع الكراهة الفعلية ، لكن الكراهة بما هي ليست موضوعاً للحكم كي تقع المعارضة أو المزاحمة بين حكمها وحكم الرضا ، وإنما الموضوع الرضا وعدمه كما تضمنه الموثق بعقده السلبي والإيجابي ، فالطيب موضوع لحلية التصرف كما أنّ عدمه موضوع للحرمة ، وبما أنّ الموضوع هو الطيب والرضا في الجملة وبنحو الموجبة الجزئية ، أي بأيّ عنوان كان بمقتضى الإطلاق كما عرفت ، فيكون الموضوع للحرمة التي تكفّلها الموثق بعقده السلبي هو عدم الرضا رأساً ، فإنّ نقيض الموجبة الجزئية سالبة كلية ، ومن الواضح عدم صدق هذا الموضوع في المقام بعد تحقق الرضا في الجملة كما هو المفروض فلا تعارض.
وبالجملة : العبرة بالرضا الأعم من التقديري وهو حاصل هنا ، وليس المقام من الرضا التقديري بالمعنى الآخر كالجهل بكون التصرف مصلحة له الذي منعنا عن اعتباره ، لوضوح الفرق بينهما ، فان العلم بالصلاح من مبادئ تحقق الرضا كالسؤال الذي مرّ التمثيل به ، فبدونه لم يتحقق الرضا أصلاً. وأما في المقام فالرضا بالعنوان متحقق فعلاً ، غايته أنّ المالك جاهل بالانطباق وغير ملتفت إليه ، فيكون من الرضا التقديري بالمعنى الأول الذي عرفت اعتباره وإلحاقه بالرضا الفعلي (١).
__________________
(١) لا يخفى خفاء الفرق بين المثالين ، إذ في صورة الجهل بالصلاح أيضاً يمكن أن يقال : إنّ المالك راضٍ بعنوان التصرف الذي فيه صلاحه وجاهل بالانطباق كرضاه بدخول الأب في الدار مع جهله بالانطباق فالرضا التقديري فيهما على حد سواء.