وتفصيل الكلام : أنه إما أن يفرض ذلك في سعة الوقت أو في الضيق ، وعلى أيّ تقدير لا ريب في وجوب الخروج بمجرد انكشاف الحال لارتفاع العذر بقاء ، كما هو ظاهر ، والكلام فعلاً في حكم الصلاة نفسها.
ولا يخفى أنّ عدّ الجهل من فروض المسألة إنما هو على مذاق القوم القائلين بصحة الصلاة عند الجهل العذري ، وأما على المختار من البطلان فالصلاة فاسدة في جميع التقادير.
وكيف ما كان ، ففي سعة الوقت لا ينبغي الإشكال في عدم جواز التشاغل بالصلاة بعد ما عرفت من ارتفاع العذر بقاءً وكون المكث حراماً ، واتحاده مع الصلاة في جميع الأجزاء أو في السجدة خاصة على الخلاف بيننا وبين المشهور.
وربما تصحح العبادة حينئذ بدعوى أنّ المكلف مضطر بالبقاء في الأرض المغصوبة بمقدار ما يسعه الوقت للخروج ، وليفرض أنها خمس دقائق ، فالمكث بمقدار زمان الخروج وهي الدقائق الخمس حلال حتى واقعاً بعد كونه مضطراً إليه ، كما أنه لا مبغوضية فيه بعد فرض عدم كونه بسوء الاختيار لمعذوريته في الدخول ، وعليه فاذا فرض أنّ زمان الصلاة معادل لزمان الخروج أو أقل فكما يمكنه صرف الدقائق الخمس المرخّص في البقاء بمقدارها في الخروج يمكنه صرفها في الصلاة ، ثم الخروج بعد ذلك. غايته أنّه على الثاني يستلزم زيادة التصرف في الغصب عند خروجه ، وذلك لا يضر بصحة العبادة بعد فرض عدم اتحادها مع الغصب.
أقول : هذه الدعوى وإن صدرت عن بعض الأساطين من مشايخنا (١) إلا أنها لعلها واضحة الفساد ، فان الخروج حيث إنه لا مناص عنه ولم يكن للمكلف بدّ من التصرف بهذا المقدار ، سواء أتحقق في الزمان الأول أو الأخير ،
__________________
(١) وتبعه بعض الأعاظم من تلامذته في المستمسك [ ٥ : ٤٤٨ ].