قياماً وإلا فقعوداً وتحري القبلة مهما أمكن ، فإنه ظاهر في عدم التمكن من المحافظة على أفعال الصلاة كما هي والإخلال ببعض ما يعتبر ، لا أقل من الاستقبال ولو في بعض الأحوال.
الجهة الثالثة : قد عرفت عدم الخلاف في صحة الصلاة في السفينة اختياراً مع عدم الإخلال والتمكن من استيفاء الأفعال ، وأن الحركة التبعية بمجردها غير قادحة ، وهل تصح فيها اختياراً حتى مع الإخلال وعدم التمكن من الاستيفاء ، فتكون للسفينة خصوصية بها تمتاز عن غيرها ، وهي جواز الاقتصار على ما يتيسر من الأفعال ، وإن كان متمكناً من الخروج والإتيان بصلاة كاملة؟
فيه خلاف بين الأعلام ، فقد ذهب غير واحد من المتأخرين إلى الجواز ، بل حكي عن جمع من القدماء ، لكن الأقوى خلافه ، بل لعله هو المشهور.
ويستدل للجواز تارةً بمرسلة الصدوق في الهداية (١) وبالفقه الرضوي (٢) لكن التعويل على مثلهما في إثبات الحكم المخالف لإطلاقات الأدلة الأولية كما ترى ، ولم تذكر المرسلة في الفقيه كي يلاحظ سندها.
وأُخرى : بإطلاق ما دل على جواز الصلاة في السفينة اختياراً الشامل لصورتي التمكن من استيفاء الأفعال وعدمه كصحيحة جميل وموثقة يونس المتقدمتين (٣) وغيرهما.
ويندفع أوّلاً : بمنع الإطلاق في تلك الأخبار ، فإنها مسوقة سؤالاً وجواباً لبيان حكم الصلاة في السفينة من حيث هي ، وأنّ الحركة التبعية الملازمة لها حالة السير غير قادحة ، فلا بأس بالصلاة في هذا المكان ، ولا نظر فيها إلى سائر ما يعتبر في الصلاة كي ينعقد الإطلاق بلحاظها. ألا ترى أنّه إذا سئل عن حكم الصلاة في الحمام مثلاً فأُجيب بنفي البأس لم يكن للجواب إطلاق
__________________
(١) المستدرك ٣ : ١٨٧ / أبواب القبلة ب ٩ ح ٥ ، الهداية : ١٤٨.
(٢) المستدرك ٣ : ١٨٨ / أبواب القبلة ٩ ح ٦ ، فقه الرضا : ١٤٦.
(٣) في ص ٨٨.