الثاني : أن الحكم بعدم صحة سلب كل واحد من المعاني الحقيقية للإنسان عن البليد ، في معنى الحكم بعدم معنى حقيقي له يجوز سلبه عنه ، فإنّ كلاً من معانيه الحقيقية إذا لم يصح سلبه عنه ، فليس هناك معنى يصح سلبه عن ذلك ، وإلّا فيلزم اجتماع النقيضين في المعنى المفروض ، إذ وجود معنى ـ يصح سلبه عنه ـ ينافي ويناقض عدم صحة سلب كلّ واحد من المعاني عنه ، فهذان مفهومان متغايران متلازمان في مرتبة واحدة من الظهور ، والعلم بكل منهما علم بالآخر على سبيل الإجمال ، وإن لم يكن العالم به متفطّناً له بالعنوان الآخر ، فإذا سقطت الواسطة الأخيرة ، فيكون الدور مصرحاً .
هذا ، ويمكن الجواب عن الوجهين انتصاراً للمحقق القمي ( قدس سره ) :
أمّا عن الأوّل ، فأوّلاً بالحل .
بيانه : أنّ صحة السلب وعدمها قد تعملان في إثبات الحقيقة الخاصة ، والمجازية المطلقة بعد إحراز حقيقة اللّفظ في المعنى المفروض ، أو مجازيته فيه في الجملة ، والمقصود من إعمال عدم صحة السلب حينئذ إثبات اتحاد المعنى الحقيقي للّفظ فإنّه إذا علم بوضع لفظ العين للذّهب ، وشك في كونه موضوعاً للفضة أيضاً ، فبعدم صحة سلب جميع المعاني الحقيقية للفظ العين عن الذهب ، يثبت انحصار المعنى الحقيقي في الذّهب ، إذ لو كان له معنى حقيقي غيره ، لجاز سلبه عنه ، لجواز سلب بعض معاني المشترك عن بعض .
هذا بخلاف ما لو حكم ـ حينئذ ـ بعدم صحة سلب بعض المعاني الحقيقية ، فإنه لا يثبت الاتحاد ، لاحتمال معنى حقيقي آخر يصح سلبه عن المورد ، فلا بدّ ـ حينئذ ـ من كون عدم صحة السلب سالبة كلية ، ليرتفع بها الموجبة الجزئية التي هي وجود بعض المعاني الحقيقية ، الذي يصح سلبه عن المورد ، فيثبت الاتحاد ، وكذلك المقصود من علامة صحة السلب ـ حينئذ ـ إثبات أنّ استعمال اللّفظ في المورد مجاز دائماً .
ولا ريب أنّ هذا لا يثبت بالموجبة
الجزئية ، لاحتمال أن يكون اللفظ مشتركاً بين المورد ، وبين المعنى المسلوب ، فيكون سلبه عنه من باب سلب أحد معاني المشترك عن بعض ، فيكون مجازية استعمال اللّفظ في المورد في بعض الأحيان ، وهو فيما إذا استعمل فيه باعتبار العلاقة بينه وبين المعنى الآخر المسلوب بناء على مذهب المشهور
من جواز هذا الاستعمال ، وقد تعملان في إثبات أصل الوضع أو المجاز ، مع اتحاد
الموضوع له ، أو دوام المجازية دفعة واحدة ، فحينئذٍ لا بد ـ أيضاً كالصورة السابقة ـ من
كون