فيما إذا علم الحقيقة والمجاز ، ولم يعلم المراد . وأنّ الظاهر من قوله ، ولم يعلم المراد أنّه لم يعلم أصلاً ، لا أنّه علم وشك في صفته من كونه فرداً من الحقيقة ، أو من المجاز ، فما ناقشه القمّي ( قدس سره ) في محله .
هذا ، وفي كلّ من هذه الوجوه تأمل ، بل منع ، لعدم إفادة شيء منها لدفع الدّور ، بل الذي أفادته إنما هو جعل الدور مصرحاً .
أمّا الأول فلأنّ الجاهل إذا لم يعرف الاندراج وعدمه ، كيف يدري بصحة سلب المعنى الحقيقي المعلوم عن المعنى المبحوث عنه ، فإن معرفة صحة السلب وعدمها موقوفة على العلم بخصوصية المعنى المسلوب ، بحيث لا يشمله المعنى المبحوث عنه ، او بعمومه بحيث يشمله ، فالشك في الاندراج وعدمه يرجع الىٰ الشك في المعنى المسلوب من حيث العموم والخصوص .
وهكذا الكلام في الوجه الثاني ، وكذا في الوجه الثالث ، على أن يكون المراد هو ما استظهره الشيخ محمد تقي ( قدس سره ) ، وأمّا على ما استظهره القمي ( قدس سره ) فإنّا لا نتعقل كون صحة السلب علامة لإرادة المجاز حينئذ ، مضافاً الى المناقشات التي ذكرها المحقق القمي ( قدس سره ) .
نعم يمكن توجيهه بحمله على ما إذا علم عدم إرادة المجاز بقرينة خارجية ، كما إذا أخبر أحد بأنّ القمر طلع ، فتفحص ذلك الذي قام عنده ذلك الخبر ، فوجد أنّ القمر لم يطلع بعد ، فيعلم بذلك أنّ المراد القمر المجازي ، وهو المحبوب ، فإنه يصدق ـ حينئذ ـ أنّ القمر لم يطلع ، لكنه مجرد تصوير ، لا أصل له ولا فائدة ، فإنّ العلم بإرادة المجاز حصل من الفحص ، لا بصحة السلب ، بل العلم بصحة السلب ـ حينئذ ـ متأخر عن العلم بعدم إرادة الحقيقة .
هذا ، ثم إن أجود الوجوه في دفع الدور ما ذكره السيد عميد الدين في المنية (١) ، من
___________________________
(١) منية اللبيب : مخطوط في الفرق بين الحقيقة والمجاز ، حيث قال : وقد ذكر المصنف طاب ثراه لذلك طرقاً ستّة . فمنها ما يشترك فيها الحقيقة والمجاز .
ومنها ما يختصّ باحدهما فالاوّل طريقان الاول نصّ اهل اللغة عليه . . . وذلك يكون على ثلاثة أقسام :
احدها ان يقول هذا اللّفظ حقيقة في هذا المعنى وهذا اللّفظ مجاز فيه .
وثانيها أن يذكروا حدّيهما بان يقولوا هذا اللّفظ موضوع لهذا المعنى المستعمل فيه وضعاً أوّلاً . . .
وثالثها ذكر خواصّهما بان يقولوا هذا اللّفظ لا يجوز سلبه عن هذا المعنى وهذا اللّفظ يجوز سلبه عنه فيعلم ان الأول حقيقة والثاني مجاز .