لأنّ مرادهم : إن كان كونه علامة لمعرفة المجازية والحقيقية في الجملة في الظاهر ، فلا ريب أنّ ما ذكره العضدي لا ينافي ذلك بوجه ، فإنّ ذكر الاحتياج إلى أصالة عدم الاشتراك في مقام معرفة المجازية المطلقة ، أو الحقيقة الخاصة ، فهي أي أصالة عدم الاشتراك جزء للسّبب في هذا المقام ، لا المقام الأوّل ، أعني مقام معرفة الحقيقية والمجازية ـ في الجملة ـ .
وإن كان مرادهم كونه علامة للحقيقة الخاصة ، والمجازية المطلقة ، فيرد عليه ( قدس سره ) ما أورده على العضدي من إيراد المنافاة ، إذ الوجه الذي اختاره ـ أيضاً ـ لا يقتضي معرفة المجازية المطلقة أو الحقيقة الخاصة بمجرد صحة السلب وعدمهٰا ، كما اعترف به أيضاً ، فلا بدّ له من الالتجاء إلى الأصل المذكور في إثبات هذا المقام ، فتكون العلامة جزء السبب لا السبب التام .
نعم يمكن أن يفرق بينهما بحمل الأوّل على موارد الحمل المتعارف ، وحمل الثاني على موارد الحمل الذاتي ، إلّا أنّ هذا الفرق غير مجد في دفع السؤال عن المحقق المذكور ، لعدم كفاية صحة السلب وعدمها في معرفة المجازية المطلقة ، أو الحقيقة الخاصة في القسم الثاني بطريق أجلىٰ .
ومنها : ما ذكره العضدي أيضا من أنّ صحة السلب علامة لتعيين المراد بعد تشخيص الحقيقة والمجاز ، ثم قال : لأنّ ذلك لا يتم في علامة الحقيقة إلى آخر ما ذكره في القوانين (١) بما فيه من المناقشات .
وأجاب عنها الشيخ محمد تقي (٢) ( قدس سره ) ، بما يرجع حاصله إلى حمل كلام العضدي ذلك على موارد الحمل المتعارف ، بأن علم المعنى الحقيقي والمجازي ، ثم استعمل اللفظ وأريد منه فرد شك في كونه فرداً من الحقيقة أو من المجاز فبصحّة السّلب يتميز حال هذا الفرد .
لكن الحق أنّ هذا الحمل يأباه ظاهر كلام العضدي (٣) فإنه قال : بكونه علامة
___________________________
(١) القوانين : ١٨ .
(٢) هداية المسترشدين : ٥١ ـ ٥٢ .
(٣) شرح المختصر للعضدى ، مخطوط في بحث علائم الحقيقة والمجاز وإليك نصّه : ( بعد الملاحظة لعبارته المتقدمة في الهامش المتقدم بعد قوله واِلّا لزم الاشتراك ) وأيضاً فما ذكرت حقّ إذا أطلق اللفظ لمعنى ولم يدر أحقيقة فيه ام مجاز فيه أمّا إذا علم معناه الحقيقي والمجازي ولم يعلم أيّهما المراد امكن أن يعلم بصحّة نفي المعنى الحقيقي عن المورد أنّ المراد هو المعنى المجازي فيعلم أنه مجاز .